مقالات

حرب الطاقة

بقلم– كريم الشافعي
يحتاج العالم إلى طاقة نظيفة يمكن تحمل كلفتها لدعم النمو الاقتصادي والتنمية والديمقراطية بدون الإضرار بالبيئة. ويواجهالعالم الغربي والولايات المتحدة هذا التحدي باللجوء إلى التكنولوجيات المحدثة لتغييرات جذرية، وإلى القدرة الإبداعية لأصحاب المشاريع، ودعم المبادرات المحلية في الدول النامية.
إن انتقال دول العالم الغربي من استخدام الوقود الأحفوري إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة، جاء من خلال صراعات كبيرة ما بين الحكومات ومستثمري النفط من جهة، وبين جماعات المجتمع المدني وأنصار البيئة من جهة ثانية، لذلك نعتقد بأنه في مايخص عالمنا العربي فأن الانتقال نحو الطاقة المتجددة لن يحصل من خلال جهد حكومي عربي منفرد، كون أغلب الحكومات العربية –خاصة الخليجية- تعتمد على النفط كمورد أساسي للدخل القومي، لذا فإن الانتقال لاستعمال الطاقة النظيفة مرتبط بالوعي الفكري الذي يجب أن يتخمر لدى مؤسسات المجتمع المدني وأنصار البيئة، والذين سيشكلون عامل ضغط على الحكومات للتحول عن الوقود الأحفوري الذي يساهم بشكل كبير في انبعاثات الغازات السامة والملوثة للبيئة .
ومن جانب آخر فان تركز الثروات النفطية في دول بعينها كبعض الدول العربية والخليجية وإيران على سبيل المثال لا الحصر، دفع وسيدفع دول أخرى حول العالم وخصوصا الدول الكبرى منها الى النظر إليها كفريسة سهلة المنال مما يجعل الشعوب العربية تعيش تحت الضغط والتهديد المستمر وفي هاجس تهديد البقاء لفترة طويلة جدا , هذه الفترة مرتبطة بوجود النفط في الدول النفطية العربية ، وقد تجلى ذلك بالفعل خلال الفترات الزمنية الماضية من خلال تبني عدد من الدول الكبرى خيار الإطاحة بالأنظمة السياسية الحاكمة في تلك الدول باتجاه او بهدف خلق أنظمة حليفة لها استراتيجيا للسيطرة على مصادر النفط والغاز وبقية الثروات، ما أدى مع الوقت الى نشر الفوضى السياسية والحروب والصراعات الداخلية التي تحفل بها العديد من دول الشرق الأوسط اليوم على وجه الخصوص. وستكون هذه الاستراتيجية هي الخيار الطاغي على شكل العلاقات الدولية خلال الفترة الزمنية القادمة على رقعة الشطرنج الدولية، وليس ذلك فقط بين الدول الكبرى باتجاه الدول الأقل مكانة من الناحية الجيوسياسية، بل سيكون كذلك خيار مطروح بين مختلف دول العالم، وسيكون اشد نزوعا بين دول الشرقالأوسط
لقد اثبت الواقع ان الحرب اليوم هي حرب الطاقة وعلى حكوماتنا العربية الاستعداد جيدا لهذه الحرب ونعتقد بأن الاعتماد على البترول كمصدر وحيد للطاقة يعتبر كارثة بحق الشعوب العربية وانه قد آن الاوان لاعتماد مصادر بديلة للطاقة من خلال ابتكار وقود بيولوجي جديد مستخرج من محاصيل زراعية غير غذائية، وتكنولوجيا الفحم النظيف، والتسويق التجاري لسيارات هجينه توصل بالكهرباء، وتكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين، وأنظمة نووية أكثر فعالية ومقاومة لانتشار الأسلحة النووية، وتكنولوجيا الاندماج النووي (المولد للطاقة) وغيرها من التقنيات التي اصبح العالم الغربي يمتلكها منذ فترة ليست بالقصيرة .
وبصراحة متناهية نجد ان هناك تقصيرا حكوميا عربيا كبيرا بهذا الاتجاه وكل ما شاهدناه هو محاولات خجولة لم تأتي بما يمكن ان يطلق عليه انجازا , ولعل دولة الامارات العربية المتحدة تأتي في طليعة الدول العربية التي بدأت ولو متأخرا تعمل على تنويع مصادر الدخل وتشجيع استخدام الوقود النظيف وغيرها من وسائل التكنلوجيا الصديقة للبيئة , لذلك لابد ان نعمل بكل امكانياتنا على الاستفادة من الطاقات العلمية والبشرية العربية وعلى تأسيس مراكز بحثية تساعدنا في الانتقال تدريجيا الى استخدام الطاقة المتجددة لأن النفط سينضب اولا واخيرا وايضا سيتحول ليصبح نقمة علينا تهدد وجودنا.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى