الدراسات البحثيةالمتخصصة

السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط : دارسة حالة تركيا  2024 – 2013

اعداد : محمود سامح همام – باحث سياسي متخصص في الشؤون الأفريقية

  • المركز الديمقراطي العربي

مقدمة

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية وأمنية هامة تؤثر على الديناميكيات الإقليمية والعلاقات الدولية. وفي إطار هذا السياق، تعد السياسة الخارجية المصرية أحد العوامل الرئيسية التي تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل العلاقات بين مصر ودول المنطقة. ومن بين هذه الدول، تأخذ تركيا مكانة استثنائية نظرًا لتاريخها العريق ودورها الإقليمي والدولي.[1]

كما تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف وتحليل السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على دراسة حالة تركيا. يتمحور الاهتمام حول فهم العوامل التي تشكل أساس العلاقات بين البلدين وتؤثر في تطورها على مر السنين. كما تسعى الدراسة إلى تحليل التحولات والتحديات التي تواجه العلاقات المصرية التركية في الوقت الحاضر وتقديم توصيات لتعزيز وتطوير هذه العلاقات في المستقبل.

حيثما تعد السياسة الخارجية المصرية تجاه تركيا ظاهرة معقدة تتأثر بعدة عوامل، بما في ذلك الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والأمنية. يتعين تحليل هذه العوامل وتفسير تأثيرها على العلاقات الثنائية بين البلدين لتعزيز فهمنا للديناميكيات المتعلقة بالسياسة الخارجية المصرية وأثرها على الاستقرار والأمن في المنطقة.

وتعتبر دراسة حالة تركيا ضمن إطار السياسة الخارجية المصرية أمرًا ضروريًا لعدة أسباب. فأولاً، تركيا تمتلك تاريخًا طويلاً وعلاقات متشابكة مع مصر، وتلعب دورًا مهمًا في الشرق الأوسط. ثانياً، العلاقات المصرية التركية قد شهدت تطورات وتحولات متنوعة على مر العقود، وتحليل هذه التغيرات يمكن أن يسلط الضوء على تطور العلاقات الثنائية وأسباب التوتر والتعاون بين البلدين. ثالثاً، فهم العلاقات المصرية التركية يساهم في توجيه السياسات المستقبلية لكلا البلدين وتحقيق الاستقرار والتعاون في المنطقة.

وتسلط الدراسة الضوء على فهم السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على دراسة حالة تركيا . من خلال تحليل العوامل المؤثرة، وتفسير التحولات التاريخية والتحديات الراهنة، نأمل أن تقدم الدراسة رؤى عميقة وتوصيات قيمة لتعزيز العلاقات بين البلدين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

اولاً: مشكلة الدراسة

تكمن مشكلة الدراسة في معرفة ماهية السباسية الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط وكدراسة حالة دولة تركيا، والتعرف على السياسة الخارجية المصرية كاهداف وأساليب في المنطقة، ومن ثم الوقوف على مقومات منطقة الشرق الأوسط كاقليم استراتيجي حيوي مؤثر في المجتمع الدولي، بالإضافة الى تسليط الضوء على المد والجزر في العلاقات المصرية التركية.

ثانياً: أسئلة الدراسة

تدور أسئلة الدراسة حول السؤال الرئيسي الأتي :

كيف تقوم السياسية الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط كدراسة حالة دولة تركيا في فترة           ( ٢٠١٣ : ٢٠٢٤)؟

وهناك أسئلة فرعية ذات علاقة مباشرة بالسؤال الرئيسي وهي :

١-ما هي الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية المصرية؟

٢- وماهية الاستراتيجية المصرية تجاه المنطقة ؟

٣- لماذا تعتبر منطقة الشرق الأوسط كتلة بالغة التأثيرعلى الاحداث الدولية والإقليمية ؟

٤- ما هي التحديات والمشكلات التي تواجه العلاقات المصرية التركية في فترة      ( ٢٠١٣: ٢٠٢٤) ؟

٥- كيف تأثرت العلاقات بين الدولتين في فترات مختلفة من التاريخ؟

٦- ما هي الاحداث الرئيسية التي أثرت على هذه العلاقات ؟

ثالثاً: أهمية الدراسة

تنبع أهمية الدراسة من كونها تسلط الضوء على السياسية الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط كدراسة حالة دولة تركيا في خلفيات تاريخية مختلفة، بحجم تأثير الدولتين على الأمن القومي الأقليمي والدولي، كما أن مصر ذو مكانة جيوسياسية استراتيجية على مر التاريخ يجعلها محط اهتمام دراسات وأبحاث متعددة لفهم سياساتها المختلفة في المنطقة، كما أننا نبرز السياسة الخارجية المصرية تجاه تركيا وفهم هذه السياسة يمكن أن يساعد في تحديد العوامل التي تؤثر في الاستقرار وتطور العلاقات مبين الدول، ومن جانب أخر تكمن أهمية الدراسة في التعرف على المقومات الاقتصادية والثقافية والتاريخية والاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط لابراز مدى تأثيرها على الصعبد الدولي والإقليم، بالإضافة الى أن السياسة الخارجية المصرية تلعب دورا هاماً في تشكيل الامن القومي الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وفهم هذه السياسة وتحليها الدقيق مع تركيا يمكن أن يساعد في تحديد التهديدات والفرص الأمنية والتعاطي معها بطريقة مناسبة فعالة، كما أنه بناء على النتائج المستخلصة لتلك الدراسة يمكننا توفير اساسيات لاتخاذ القرارات السياسية ووضع السياسات العامة المتعلقة بالعلاقات الثنائية علاوة على ذلك عرض النتائج والتوصيات للدراسة ستكون مفيدة ومثمرة للصناعة السياسية وصناعة القرار للبلدان الأخرى في المجتمع الدولي، والأمر الذي يجعل لهذة الدراسة أهمية تتجلى عن المسبق في تسليط الضوء على المد والجزر في العلاقات المصرية التركية في المنطقة.

رابعاً: اهداف الدراسة

ان هذه الدراسة معنية في تحقيق الأهداف الأتية :

١)التعريف بالسياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط .

٢)ابراز اهم مساعي الدولة المصرية تجاه علاقتها مع تركيا.

٣)الوقوف على ابرز التحديات والمشكلات التي تواجه العلاقات المصرية التركية.

٤)توضيح الاحداث التي اثرت في تغير شكل العلاقات بين الدولتين.

٥)تسليط الضوء لاصحاب القرار على توصيات ومقترحات لتطوير العلاقات بين مصر وتركيا.

خامساً: محددات الدراسة

تتحدد الدراسة على بعدين :

اولاً  البعد الزمني : تقتصر الفترة الزمنية على على فترة (2013:2024) للتعرف على السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط كدراسة حالة تجاه دولة تركيا في ظل إدارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمصر والرئيس التركي رجب طيب اردوغان ودراسة العوامل المؤثرة فيها وطبيعة العلاقات في هذه الفترة.

ثانياً  البعد المكاني : تتركز الدراسة حول منطقة الشرق الأوسط وبخاصة دولتا مصر وتركيا في المنطقة ، حيث تعد منطقة الشرق الأوسط نطاقا استراتيجياً حيويا تتنافس فيه الدول على فرض هيمنتها وسيطرتها على الإقليم لضمان استقرار سياستها الداخلية والخارجية في ظل الديناميات المستمرة في المنطقة .

سادساً : الاطار المفاهيمي

١)(تطبيع العلاقات) : هو مصطلح سياسي ظهر لأول مرة بعد توقيع اتفاقية مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع الكيان الصهيوني 1979 والتي نصت ان يقوم الطرفان بعلاقات طبيعية في كافة المجالات كالتي تقوم بين الدول في وقت السلم، وبذلك يشير المفهوم الى عودة العلاقات طبيعية بعد فترة من التوتر او القطيعة فيما بينهما.[2]

٢)(العالم اكبر من خمسة): هو مفهوم حديث نسبياً يعني بان العالم اكبر من ان يكون خمسة دول فقط في مجلس الامن لديهم حق الفيتو وهو حق الاعتراض ما لا يناسب وما لا يخدم مصالح هذه الدول الضيقة، حيث انه بوجود خمس دول فقط لديهم هذا الحق يظهر لنا مدى الخلل في مجلس الامن، وكان يسعى الرئيس التركي من خلال هذا المصطلح ان خلاص العالم وسعادته تكمن في تطبيق العدالة وليس احتكارها من قبل الدول الخمسة.

٣)(الإرهاب): هو مصطلح يشير الى استخدام العنف والتهديد الممنهج والمتعمد ضد المدنيين والممتلكات العامة والخاصة بهدف تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو اجتماعية. يهدف الإرهاب إلى خلق الرعب والهلع في المجتمع وإثارة الفوضى وتعطيل الحكومة والمؤسسات العامة والقضاء على الخصوم السياسيين أو الأعداء المزعومين.

٤)(السياسة الخارجية):  مصطلح سياسي يعني كل ما يتعلق بعلاقات الدولة الخارجية، الدبلوماسية مع البلدان الأخرى، سواءً كانت مجاورة أو غير مجاوره .وفي أغلب البلدان والأمم تهتم وزارة الخارجية بتنظيم هذه السياسة، هي إحدى فعاليات الدولة التي تعمل من خلالها لتنفيذ اهدافها في المجتمع الدولي وتعتبر الدولة الوحدة الاساسية في المجتمع الدولي وهي المؤهلة لممارسة السياسة الخارجية بما تملكه من سيادة وإمكانية مادية وعسكرية يعرفها بلاندو وتلون انها منهج تخطيط للعمل يطوره صانعي القرار في الدولة تجاه الدول أو الوحدات الدولية الأخرى بهدف تحقيق اهداف محددة في اطار المصلحة الوطنية وهناك خمسة عوامل محددة للسياسة الخارجية قي أي دولة وهما الموقع الجغرافي وعدد السكان والموارد الطبيعية والقوة العسكرية والمعنوية وأخيرا النظام الداخلي للدولة.[3]

٥)(منطقة الشرق الأوسط):  هو مصطلح جيوسياسي يشير عمومًا إلى منطقة بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية والأناضول (بما في ذلك تركيا الحديثة وقبرص) ومصر وإيران والعراق. استخدم المصطلح على نطاق واسع كبديل عن مصطلح الشرق الأدنى (المعاكس للشرق الأقصى) في أوائل القرن العشرين. سبب مصطلح الشرق الأوسط تشويشًا بسبب تعريفاته المتغيرة، واعتبره البعض عنصريًا أو ذا مركزية أوروبية. تشمل مناطقه الأغلبية العظمى من المناطق التي يشملها تعريف غرب آسيا، لكن بدون القوقاز ومتضمنًا مصر بأكملها وليس فقط شبه جزيرة سيناء..

سابعاً : منهجية الدراسة

تعتمد هذه الدراسة على منهج مهم لدراسة وتحليل الاحداث والتطورات في منطقة الشرق الاوسط؛

حيث اعتمدت الدراسة بشكل اولي علي :

١)منهج دراسة الحالة : فهي اكثر المناهج اتصالاً بالدراسة، فتبعاً لمقولات يان هيرمانسون احد رواد منهج دراسة الحالة ان دراسة الحالة تمنحنا فرصة لاستكشاف وفهم الاحداث والعلاقات في سياقها الطبيعي ، ومن هنا يمكننا هذا المنهج من خلال الدراسة في التعرف بدقة على السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط كدراسة حالة دول تركيا، وتسليط الضوء على دراسة العلاقات بين الدولتين بشكل كلي بكافة الجزئيات.[4]

٢)منهج تحليل النظم الدولية : حيث يعد اكثر المناهج اتصالاً بالواقع الدولي، وتبعاً إيمانيويل وولرستين رائد منهج تحليل النظم الدولية في مقولاته عن الاعتماد المتبادل، يشير الى أن الدول تعتمد على بعضها البعض من اجل تحقيق مصالحها وتحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما تقوم عليه الدراسة في جوهر العلاقات بين مصر وتركيا، بالإضافة الى ان هذا المنهج يعتبر ديناميكياً ويهتم بفهم التغيرات والتطورات في النظام الدولي، وذلك ذو صلة وثيقة بالمد والجذر في العلاقات بين الدولتين.[5]

ثامناً: تقسيم الدراسة

الفصل الأول : مكانة منطقة الشرق الأوسط واستراتيجية الدولة المصرية

المبحث الأول : مكانة منطقة الشرق الأوسط على الصعيد الإقليمي والدولي .

المبحث الثاني : محددات السياسة الخارجية المصرية

الفصل الثاني : شكل العلاقات المصرية التركية في الفترة ما بين (2013 : 2024)

المبحث الأول : اهداف السياسة الخارجية التركية والاستراتيجية المتبعة

المبحث الثاني : العلاقات المصرية التركية ما بين المد والجزر.

الفصل الأول : مكانة منطقة الشرق الأوسط واستراتيجية الدولة المصرية

 تمهيد

تعد منطقة الشرق الأوسط منطقة استراتيجية ذات أهمية عالمية نظرًا لتاريخها العريق وموقعها الجغرافي الحيوي. تتمتع الدولة المصرية بمكانة فريدة ضمن هذه المنطقة، حيث تمتلك تاريخًا حافلًا بالتحولات السياسية والاقتصادية والثقافية. واستراتيجية الدولة المصرية تعكس تلك المكانة وتهدف إلى تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة في المنطقة.

تعد مصر جسرًا بين القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا. تتمتع بموقع استراتيجي على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط وتحدها البحر الأحمر من الشرق، مما يجعلها مركزًا هامًا للتجارة البحرية والملاحة. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي مصر على مصادر طبيعية هامة مثل النيل والغاز والبترول، مما يجعلها مساهمًا رئيسيًا في اقتصاد المنطقة.

يهدف هذا الفصل إلى استكشاف مكانة منطقة الشرق الأوسط الاقتصادية والثقافية والجيوسياسية  ودور مصر في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة. سيتم تحليل السياسات الخارجية والتحديات التي تواجهها مصر في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. كما سيتم دراسة العوامل التي تؤثر على استراتيجية مصر وتقييم تأثيرها على الاستقرار الاقليمي والدولي.[6]

المبحث الأول : مكانة منطقة الشرق الأوسط على الصعيد الإقليمي والدولي

بداية تحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة مهمة على الصعيد الدولي والإقليمي لتاثيرها المباشر على متغيرات الطاقة وديناميات القوة في العالم، وذلك يرجع لعدة أسباب:

اولاً ( أسباب اقتصادية ):  تعتبر دول الشرق الأوسط من اكبر منتجي الغاز الطبيعي والنفط في العالم، وبناء على ذلك المنطقة تتميز بانها مرتكزا مهماً في سوق الطاقة، كما انها من اهم المناطق ذات المرتبة المرتفعة في قائمة المناطق الموردة لمصادر الطاقة، بالإضافة الى تميز منطقة الشرق الأوسط بتعدد حقول النفط والغاز في العديد من الدول بها، ووفقا ما عبرت عنه ادارة الطاقة الامريكية (EIA) ان منطقة الشرق الاوسط هي المصدر الرئيسي للنفط والغاز الطبيعي حتى عام ٢٠٢٥، كما أنها تحتوي على ما يقارب 70% من احتياطي النفط العالمي، وذلك مع الزيادة الدائمة في معدلات الإنتاج النفطي والغاز الطبيعي في المنطقة. [7]

استكمالاً، على اثر ذكر الأهمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، فتجذب المنطقة الاستثمارات الأجنبية المهمة في قطاعات مختلفة مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة والتجارة، ونجحت بعض الدول بالمنطقة في خلق بيئة استثنارية جذابة تقدم حوافز للشركات الأجنبية للاندماح مع السوق المحلية وعدم الاضرار بالسوق العام للدولة فالمنافسة، وفي اطار ما يتعلق بالاستثمارات الخاصة بالغاز الطبيعي والنفط في إقليم منطقة دول الخليج العربي بلغ ما يقرب اكثر من 7,3% من الإنتاج المحلي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام ٢٠٢٢م، وذلك يرجع للزيادة القوية في انتاج النفط ، اما بالنسبة لاستثمارات (الغاز الطبيعي والنفط ) في منطقة شمال افريقيا فنجد عمالقة شركات الطاقة حول العالم يتدافع على عقد الصفقات في شمال افريقيا، وخصوصاً في الفترة الراهنة إذ ينظر للمنطقة على انها طوق نجاه للدول الأوروبية والمجتمع الدولي عامة من صدمات الحرب الروسية الأوكرانية وحرب عزة والتوترات المشددة على الصعيد. الإقليمي والدولي.

ثانياً (أسباب استراتيجية ) :  تتميز منطقة الشرق الأوسط بموقع جغرافي متميز جدا في العالم، وتشير منطقة الشرق الأوسط الى بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية والاناضول بما في ذلك تركيا وقبرص ، بالإضافة الى مصر وايران والعراق، كما تقع المنطقة في مكان استراتيجي بين ثلاث قارات (اسيا وافريقيا وأوروبا ) ، بالإضافة الى تمتعها بمواقع جغرافية هامة مثل مضيق هرمز المُلقب بشريان الحياة للعالم الصناعي ويعبر من خلاله ثلث الإنتاج النفطي للعالم ، مما يجعله محط صراعات دولية على مر التاريخ، ويشكل المضيق لسان بحري يصل بين الخليج العربي والمحيط الهندي، وفي اطار تلك المعطيات يعتبر مضيق هرمز العنق الرئيسي للنفط في العالم. [8]

استكمالاً، بالحديث على اهم الممرات المائية فمنطقة الشرق الأوسط والعالم يجب الإشارة على قناة السويس، فتعد قناة السويس أطول قناة ملاحية في العالم واقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب الموقع الجغرافي الفريد للقناة، وتصل القناة بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس، وذلك يعطي الاهمية البالغة للقناة على الصعيد الإقليمي والدولي، وتعتبر قناة السويس جزأ لا يتجزأ من حركة التجارة العالمية ، اذ يمر بها 12% من حجم التجارة العالمية و 25% من تجارة الحاويات العالمية، وقد ساهمت قناة السويس على مدى قرن ونصف في تطوير حركة التجارة المنقولة بحراً بين شطري العالم وخاصة الدول المطلة على البحرين الأبيض والاحمر باعتبارها اكثر الدول استفادة من قناة السويس.[9]

وتعاني منطقة الشرق الأوسط من نزاعات سياسية وأمنية عديدة، مثل الصراع العربي الإسرائيلي الذي يشغل اهتمام الدول العظمى حول العالم، حيث يعد الكيان الصهيوني في المنطقة زريعة وسلاح في يد المعكسر الغربي لاحكام السيطرة في المنطقة، وخلق حجج لزيادة التغلغل في ربوع دول المنطقة والعمل على ضعف وحدة الدول العربية، بالإضافة الى الحروب في سوريا والعراق واليمن والسودان، وبالتالي, فإن تحقيق الاستقرار في المنطقة يعد أمراً حيوياً للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي. [10]

ثالثاً (أسباب ثقافية ) : تعتبر منطقة الشرق الأوسط موطناً لحضارات عريقة وتاريخ غني يمتد لآلاف السنين، بها تطورت حضارات كل من مصر والرافدين، بالاخص حضارة المصريون القدماء التي تعد اقدم حضارة عرفها التاريخ الإنساني على وجه الأرض، وشكلت المنطقة بذرة لمعظم حضارات العالم القديم، كما تطورت الابجدية الاقدم في هذه المنطقة بين الابجديات المعروفة.

وللمنطقة أهمية جيوسياسية ثقافية كبيرة منذ ألاف السنين، لا سيما ازدهار الثقافات المتعددة والأنظمة السياسية القوية، فهي تشتهر بمواقع اثرية مهمة مثل الاهرامات الثلاثة في مصر والتي تعد من عجائب الدنيا السبعة، بالإضافة الى نخلة بلقيس في اليمن وبيت المقدس في فلسطين والمدينة القديمة في دمشق وغيرها من المناطق الهامة التي ستظل محط اهتمام العالم من شتى الثقافات والدول، وهذا التراث الثقافي المتنوع يعكس التطور الحضاري والفني والعلمي الذي مرت به المنطقة.

وتتميز منطقة الشرق الأوسط بتنوع ثقافي فريد على اثر تاريخها العريق وتعايش مجتمعات مختلفة، فتتعدد اللغات في المنطقة، بما في ذلك العربية والفارسية والكردية والعبرية والارمينية، بالإضافة الى تنوع العادات والتقاليد التي تتاثر بالعوامل الثقافية والدينية والاجتماعية، تشمل هذا التقاليد الزواج والعزاء والاحتفالات الدينية ، وفي اطار كل تلك الاختلافات والتنوع في الثقافي في منطقة الشرق الأوسط يعزز التبادل الثقافي والاحترام المتبادل .

رابعاً ( اسباب دينية ) : لم تكن منطقة الشرق الأوسط رقعة فقط تربط بين أسيا وافريقيا وأوروبا وازدهرت بها طرق التجارة على مدار التاريخ بل أيضاً للفكروالديانات السماوية ولتبادل الثقافات، فمنطقة الشرق الأوسط لها أهمية دينية كبيرة نظراً لدور الديانات التي نشأت فيها، فالديانات في المنطقة تشكل جزءا أساسيا من هوية الشعوب والمجتمعات، كما ان الديانات تعتبر مصدراً للقيم والمعتقدات والقوانين الاجتماعية، ولا سيما يعتبر الدين هو الدستور الحاكم للبلاد في بعض الدول.[11]

ويوجد في منطقة الشرق الأوسط العديد من المراكز الدينية المقدسة التي تحظى بأهمية كبيرة من شتى بقاع الأرض فالعالم، ويندفع اليها المؤمنين من جميع دول العالم باستمرار على مدار التاريخ، كالحرم الشريف في مكة المكرمة والمدينة المنورة في السعودية للمسلمين والمدينة القديمة في القدس بالإضافة الى المسجد الأقصى في القدس للمسلمين والمسحيين واليهود، وكنيسة القيامة في القدس للمسحيين والعتبة الحسينية في كربلاء والنجف في العراق للمسلمين الشيعة، تعتبر هذه المراكز وجهات روحية ومقدسة للمؤمنين وتجذب الزوار من جميع انحاء العالم .

المبحث الثاني : محددات السياسة الخارجية المصرية

تُعد السياسة الخارجية المصرية أحد الجوانب الحيوية في تشكيل العلاقات الخارجية وتحقيق مصالح الدولة المصرية في المشهد الدولي. تتأثر محددات السياسة الخارجية المصرية بعوامل متعددة تتراوح بين الأمن القومي والاستقلالية والمصالح الاقتصادية والسياسية. يعكس الاهتمام المصري بقضايا السياسة الإقليمية والدولية اهتمامها بالأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز دورها كلاعب إقليمي.

ويهدف هذا المبحث إلى استكشاف وتحليل محددات السياسة الخارجية المصرية وتوضيح كيفية تأثيرها على توجهات مصر الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى. ستتم مناقشة العوامل المختلفة التي تشكل أساس التفكير الإستراتيجي لمصر وتحدد أولوياتها الخارجية.

سيتم التركيز في هذا المبحث على عدة محددات رئيسية، وسيتم تحليل كل محدد بشكل منفصل مع توضيح دوره وأهميته في تشكيل السياسة الخارجية المصرية. سيتم أيضًا استعراض السياق التاريخي والتطورات السياسية التي تأثرت بها محددات السياسة الخارجية المصرية على مر العصور.

من خلال هذا المبحث، ستكتسب فهمًا أعمق لمحددات السياسة الخارجية المصرية وكيفية تأثيرها على توجهات مصر الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى. سيساهم هذا البحث في إلقاء الضوء على الجوانب المختلفة للسياسة الخارجية المصرية وتعميق فهمنا للتحديات والفرص التي تواجهها مصر في الساحة الدولية، وتعتمد تلك المحددات على ما يلي :

١)تجنب المعارك الفرعية والعمل على التركيز على الخطر الحقيقي والمعارك الرئيسية، وذلك بهدف تحقيق الامن والاستقرار وان التركيز على القضايا الأكثر أهمية وتأثيرا على البلاد، وعلى سبيل المثال: مكافحة الإرهاب في مصر يعتبر تهديداً حقيقياً للأمن والاستقرار المصري والإقليمي، وانه بمثابة معركة مباشرة تخوضها حكومة الدولة المصرية، وعلى هذا السياق تعزز مصر التعاون الأمني مع الدول الأخرى وتشترك مع تحالفات إقليمية وعالمية لمكافحة الإرهاب، بالإضافة الى حروب هذا العصرالتي تحاول الكيانات الأجنبية تغلغلها في ربوع مصر تحت مسمى حروب الجيل الرابع، وذلك باستهداف العنصر البشري والعمل على تفتيت الهوية والثقافة المصرية، وبالتالي تقوم مصر بمواجهة تلك المعركة المباشرة عن طريق نشر الوعي والادراك بتلك الالاعيب والدسائس الأجنبية، كلا المثالين السابقين يسلطان الضوء على أولوية السياسة الخارجية المصرية في التركيز على الاخطار الحقيقي والمعركة الرئيسية التي تواجه الدولة على الصعيد الداخلي والخارجي. [12]

٢)الابتعاد عن الشعاراتية والتشنج والعمل دون اندفاع وبشجاعة حين يتطلب الأمر، يكمن تحقيق ذلك في الابتعاد عن تكرار العبارات الجاهزة والمفرغة من المعنى والاصل دون التفكير العميق او النظر الى الحقائق والتفاصيل، فغالبا ما تكون الشعاراتية مجرد عبارات دون توضيح كيفية تحقيق ذلك المفهوم او مواجهة التحديات، اما بالنسبة للتشنج، فهو يعبر عن عن القلق والتوتر والاستعجال الزائد في التصرف واتخاذ القرارات، فقد يؤدي ذلك الى اتخاذ قرارات متسرعة وبالطبع غير مدروسة وبالتاني سيكون التصرف غير منطقي، مما يترتب عليه المساس بالامن القومي للدولة على الأثر السلبي لتلك الغوغائية.

وبدلاً من ذلك، تتحدد السياسية الخارجية المصرية في العمل بشجاعة وبدون انقطاع، أي ان نكون شجعاناً في مواجهة التحديات والمخاطر، بالإضافة الى التصرف بحكمة وبناءاً على المعلومات والبيانات الصحيحة المتاحة والسير بشكل متوازن بين الشجاعة والتفكير العقلاني، وذلك من ضمن محددات سياسة الدولة المصرية حتى نكون قادرين على التحرك بثقة وفعالية للامام.

٣) الوقوف امام التمدد التركي والإيراني في المنطقة، وعند الحديث عن التوسع فاننا نقصد التوسع السياسي والعسكري لدولة ما على حساب دولة أخرى في رقعة جغرافية محددة، وفي هذا السياق نشهد فالعصر الراهن توسع إيراني في المنطقة بشكل كبير، وتتمثل الاستراتيجية الإيرانية في الاننشار عن طريق ” الوكالة ” بالمليشيات المسلحة، وعلى أثر ذلك سعت إيران خلال الآونة الأخيرة محاولة التقرب من القاهرة وابداء رغبتها في عودة العلاقات المصرية الإيرانية، ولكن تحفظ مصر تجاه التمدد الإيراني من ضمن محددات سياستها الخارجية، لما تتبناه طهران من ايدلوجية توسعية استعمارية على اثر الحلم الفارسي، بالإضافة إلى سيطرة ايران على المليشيات والجماعات المسلحة في المنطقة ذات التاثير المباشر على الأمن القومي الداخلي والخارجي لمصر بشكل خاص  والامن القومي العربي على وجع العموم.[13]

استكمالاً، تكمن السياسة الخارجية التركية في الفترة الراهنة على تصفير المشاكل وتحسين العلاقات مع الدول المجاورة وتطبيع العلاقات فالمنطقة، وعلى أثر ذلك قامت انقرة بعدة إجراءات وتحركات ساهمت في عودة تطبيع العلاقات مع الدولة المصرية مرة أخرى بعد قطيعة دامت اكثر من عشر سنوات، ومع تغير محددات السياسة الخارجية التركية التي كانت داعمة للحركات الإرهابية في مصر والمنطقة واحتوائها لهم تحت مسمى الدولة القومية ، بالإضافة الى الانتشار العسكري التركي في المنطقة، بالإضافة الى التوترات الملتهبة على الحدود المصرية الليبية على أثر التدخل العسكري التركي على خط الحدود الغربية لمصر، وبالرغم من عودة العلاقات المصرية التركية في أبهى صورة إلا ان سياسة الدولة المصرية ستظل متحفظة على فكرة التصدي للمد التركي التوسعي.

٤) بدايةً، ضمن محددات السياسة الخارجية المصرية تتركز حول قضية حيوية هامة على مر التاريخ ألا وهي القضية الفلسطينية، فتقوم مصر منذ تغلغل العصابات اليهودية واعمال الإرهابية في النصف الأول من القرن العشرين حتى ٢٠٢٤ على دعم الشعب الفلسطيني في مقاومته ونضاله ضد الكيان الصهيوني المحتل، وتأييد احقية دولة فلسطين في تحقيق حقوقه الوطنية وإقامة دولة مستقلة فلسطينية، وتقوم مصر بعمليات بعمليات توسط متواصلة وتسعلى لتعزيز الحوار الفلسطيني – الإسرائيلي ، ولعبت مصر دوراً حاسما في الحوار والتفاوض بينهما تاريخياً، حيث قامت مصر بالوساطة في العديد من الاتفاقيات والمفاوضات، على سبيل المثال اتفاقية أوسلو ومعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في ١٩٧٩م، ومازالت مصر تسعى للوساطة للتوصل الى حل سلمي دائم في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. [14]

استكمالاً، يمكن تسليط الضوء حول الدعم الدبلوماسي والسياسي المصري للقضية الفلسطينية، حيث تعمل مصر على تعزيز الوعي الدولي والإقليمي بحقوق الشعب الفلسطيني، والمطالبة في كافة المحافل والمنظمات الدولية والاقليمية بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على ارضها، وتسعى جاهدة لدعم القضية الفلسطينية وتحقيق حلول سلمية، بالإضافة الى حرص مصر على تقديم الدعم الاقتصادي والإنساني للشعب الفلسطيني، فبعض النظر عن وقت الازمات التي تشهدها فلسطين فمصر دائما تقدم المساعدات التنموية والإنسانية لتحسين الظروف المعيشية والحرص على دعم البنية التحتية والخدمات الأساسية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

٥) تقوم سياسة الدولة المصرية على ضرورية عدم ترك الساحة الإقليمية والدولية لأطراف أخرى تسارع الى ملء الفراغ بها، لذلك نرى الحكومة المصرية تسارع دائما للتبرع للفلسطنين وإعادة اعمارها، بالإضافة الى تقديمها العون لتونس وللبنان وللسودان وجيبوتي، وبالرغم من المحاذير الأمنية وتكرار الهجمات على الأهداف الحيوية والقادة السياسين إلا انها قامت بزيارة القيادة السياسية ببغداد.

وفي هذا السياق، تقوم مصر بالمبادرة في القضايا الجيوسياسية في المنطقة، وعلى سبيل المثال قامت تقوم مصر بمبادرات إقليمية وعالمية تعزز الاستقرار والتعاون بين الدول وتسعى لتقديم حلول وتسهيل الحوار بين الأطراف الدولية المعنية، وفي اطار ذلك قامت مصر الأونة الأخيرة بالعديد من اللقاءات والمحادثات الثنائية وعلى رأسها قمة السلام التي عُقدت في القاهرة لبحث تطورات القضية الفلسطينية والتوصل الى توافق تماشياً مع المبادئ الدولية والإنسانية لوقف اطلاق النار وخفض التصعيد في قطاع غزة، بالإضافة الى التأكيد على أهمية نفاذ المعونات الإنسانية للقطاع والدفع نحو تفعيل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وقد شهدت تلك القمة مشاركة واسعة عالمية وإقليمية بمجمل ٣١ دولة و٣ منظمات استجابو لدعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهذا يؤكد على أولويات السياسة الخارجية المصرية في عدم ترك أي فراغ في الساحة الإقليمية والدولية لاي اطراف أخرى للتوغل فيها. [15]

٦) تهدف مصر الى طرق كل الأبواب لتحسين العمل العربي المشترك سواء كان اقتصادياً او عسكرياً او سياسياً من خلال العمل على دراسة وآلية وتوقيت إقامة وتاسيس جيش عربي مشترك، لذلك تقوم مصر باجراء سلسلة من المناورات والتدريبات لتبادل الخبرات واجراء والقيام بتنسيق العديد من الاعمال الثنائية مع الدول العربية، وهو التناغم والتعاون الذي ظهر بارزاً  في التمثيل العربي في المحافل والمناسبات العسكرية، على سبيل المثال افتتاح قاعدة محمد نجيب واخرها قاعدة ٣ يوليو.

وعلى غرار ذلك، قامت الدولة المصرية بالمشاركة في مناورات عسكرية مشتركة مع السعودية والامارات العربية المتحدة وتم ذلك في اطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بتاريخ ٧ يونيو ٢٠٢١، بالإضافة الى قيام مصرباطلاق مناورات عسكرية تحت اسم ” هرقل ٢ ” شاركت بها السعودية والامارات واليونان وقبرص، وذلك فضلاً عن دول أخرى شاركت بصفة مراقب، وجميع ما سبق يعزز من اولوليات السياسة الخارجية المصرية بتعزيز التعاون العسكري في اطار تحالفات إقليمية عربية. [16]

٧) تعد مصر جزاً لا يتجزأ من القارة الافريقية، وتسعى الدولة المصرية منذ تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى تعزيز الروابط مع دول القارة السمراء، وتلعب القاهرة دوراً محوريا في التعاون الاقتصادي والعسكري والتنموي والثقافي مع الدول الافريقية، فقد وضع الرئيس المصري عناصر عدة تتكامل وتتناغم لضمان إعادة تمركز مصر بقوتها وثقلها الاستراتيجي مع قارتها السمراء، على أثر محددات السياسة الخارجية المصرية التي تتضمن تحسين والارتقاء بالعلاقات المصرية مع دول القارة الافريقية.

وفي هذا السياق، لم يكن مستغربا تجاوب دول افريقيا مع رؤية الدولة المصرية وصياغتها خريطة مستقبل القارة بمخططات طموحة وواقعية ترتقي بافاق  وامال شعوب الدول الافريقية، وتؤكد مصر دائما في جميع الفعاليات الإقليمية الاستعداد التام لتسخير خيراتها وامكانياتها لدفع عجلة العمل الافريقي والعمل على تحقيق اعمال ملموسة من واقع الاحتياجات للشعوب الافريقية، وفي مقدمة الواجبات المصرية مكافحة الإرهاب بالإضافة الى قيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة السمراء ونقل الخبرات والتجارب الفنية والعلمية المصرية للدول الافريقية. [17]

وترتب على تلك الجهود المكثفة التي بدأت منذ عام ٢٠١٣، تولت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأول مرة في تاريخ رئاسة منظمة الاتحاد الافريقي، وكان ذلك دليل واضح على أهمية القارة الافريقية بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية.

ختاماً، يمكننا التأكيد على مكانة منطقة الشرق الاوسط ومحددات السياسة الخارجية المصرية. فقد تبنت مصر دورًا استراتيجيًا في هذه المنطقة على مر العصور، نظرًا لمكانتها التاريخية والجغرافية.

كما تعد منطقة الشرق الأوسط حيزًا جيوسياسيًا حيويًا يجمع بين شرق العالم وغربه، وهي ملتقى للثقافات المختلفة ومركز للأحداث العالمية. تتمتع مصر بموقع استراتيجي في قلب هذه المنطقة، حيث تحدها الدول العربية والإفريقية وتطل على البحر الأحمر والبحر المتوسط. يعد الاستقرار والأمن في هذه المنطقة من أولويات مصر، حيث تؤثر المتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية في استقرارها المحلي.

تتبنى السياسة الخارجية المصرية مجموعة من المحددات التي تشكل أساساً لتعاملها مع الشؤون الإقليمية والدولية. تُعَدُّ الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة للمنطقة من أهم أولوياتها. تسعى مصر إلى تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإفريقية والدول الأخرى في المنطقة، من خلال التواصل الدبلوماسي والتعاون الاقتصادي والثقافي.

في الختام، يمكن القول إن منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة استراتيجية كبيرة في العالم، ومصر تلعب دورًا هامًا في تشكيل سياسة الشرق الأوسط من خلال سياستها الخارجية المدروسة والمتوازنة. تعمل مصر على تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة، وتسعى للتعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية. ومن خلال استمرار جهودها الدبلوماسية والتعاون مع الدول الأخرى، تأمل مصر في بناء مستقبل أفضل للمنطقة وتحقيق التقدم والازدهار لشعوبها.

الفصل الثاني : شكل العلاقات المصرية التركية في الفترة ما بين ( 2023:2024)

تمهيد

في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات المصرية التركية تحولات هامة وديناميات سريعة في الفترة الممتدة بين عامي 2013 و 2024. تشكلت هذه الفترة بمثابة فصل هام في العلاقات بين البلدين، حيث تأثرت العلاقات المصرية التركية بعدة عوامل اقتصادية وأمنية وجيوسياسية.

وعلى مر العقد السابق، تعرضت مصر لتغيرات سياسية جذرية بعد ثورة 30 يونيو، حيث تم عزل الرئيس السابق محمد مرسي وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. هذا التغيير السياسي أدى إلى تباين في العلاقات بين مصر وتركيا، حيث كانت العلاقات بين البلدين قد تدهورت خلال فترة حكم الرئيس المعزول.

تركز الخلافات بين مصر وتركيا في هذه الفترة على القضايا الإقليمية، بما في ذلك الأزمة في سوريا والتدخل التركي في الشأن الداخلي لمصر وتبنيها لافكار الدولة القومية، وتبادلت البلدين اتهامات وانتقادات علنية بالاضافة الى التراشق الاعلامي بين البلدين، مما أثر سلبًا على العلاقات الثنائية.

من ثم تراجعت حدة الخلافات السياسية بين البلدين مع مرور الوقت، وتم التركيز بشكل أكبر على التعاون الاقتصادي والتجاري. شهدت العلاقات التجارية بين مصر وتركيا نموًا ملحوظًا، حيث زاد التبادل التجاري بين البلدين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. كما شهدت الاستثمارات التركية في مصر زيادة ملحوظة، وتم تنفيذ عدة مشاريع مشتركة في مجالات متنوعة مثل الصناعة والبنية التحتية.

على الرغم من هذا التحسن، لا يزال هناك بعض التحديات التي تواجه العلاقات المصرية التركية، ومن بينها الخلافات السياسية القائمة والتحديات الإقليمية. ومع ذلك، فإن التوجه نحو التعاون البناء وتعزيز العلاقات الثنائية يشكل إشارة إيجابية، وقد يؤدي إلى تطوير علاقات أكثر استقرارًا وتعاونًا بين مصر وتركيا في المستقبل.

المبحث الأول : اهداف السياسة الخارجية التركية والاستراتيجية المتبعة

تتمتع تركيا بسياسة خارجية نشطة وديناميكية تهدف إلى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وتحقيق مصالحها الوطنية. وتعكس أهداف السياسة الخارجية التركية تحولات استراتيجية هامة في العقد الأخير، حيث اتخذت تركيا مواقف مستقلة وأدوار نشطة في الشؤون الإقليمية والدولية.

وتهدف السياسة الخارجية التركية إلى تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، وتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى. تسعى تركيا أيضًا لتعزيز قدرتها على المنافسة الاقتصادية وتعزيز مكانتها كلاعب إقليمي وعالمي قوي.

وتقوم الدولة التركية بتبني استراتيجية خارجية متعددة الأبعاد تركز على عدة جوانب رئيسية. وتعزيز العلاقات الإقليمية ودول الجوار قدر الإمكان هو أحد أهم أهدافها، حيث تسعى تركيا للتوسع وتعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمنطقة القريبة منها، سواء من خلال التبادل التجاري أو التعاون الأمني أو الشراكات الاقتصادية.[18]

بالإضافة إلى ذلك، تسعى تركيا للعب دورًا فاعلاً في الشؤون الدولية والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع الاتحاد الأوروبي وتحاول بكافة الطرق الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، كما تتطلع انقرة إلى تعزيز العلاقات مع الدول الناشئة والمنظمات الإقليمية الأخرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.

السياسة الخارجية التركية والاستراتيجية المتبعة تعكس التحديات والفرص التي تواجهها تركيا كدولة نامية تسعى لتعزيز دورها في الساحة الدولية. من خلال تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والأمنية، تسعى تركيا إلى تعزيز مكانتها كلاعب إقليمي وعالمي قوي والمساهمة في بناء عالم أكثر استقرارًا وتعاونًا ومن جانب اخر ترى تركيا نفسها مظلومة على اثر انهيار الامبراطورية العثمانية والحلم في اعادته، وتتمثل اهداف السياسة الخارجية التركية في ما يلي :

اولاً : تعتبر تركيا احد المحددات الأساسية لتركيا، وان الدولة عندما يكون لديها مواقع استراتيجية وانهار متنوعة، وتتوافر لديها اهم المضايق فالعالم، كمضيق البسفور الذي يريط بين بحرين محمين وهما البحر الأسود وبحر مرمرة، بالإضافة مضيق الدردنيل وهو اللسان بين بحر مرمرة وبحر ايجه بالبحر المتوسط، وكل هذه العناصر توفر لتركيا قوة تجعلها تقوم على سياسة خارجية مميزة وفعالة.

وفي هذا السياق تجعل الدولة تحقق أهدافها من تلك الموارد المائية الوفيرة، وتمكنها من استخدامها كورقة ضغط ضد الجانب السوري مما يقضى الى اضعافها، بالإضافة الى استجابتها لمطالب الكيان الصهيوني بشان البحث حول القضية الفلسطينية ولبنان والأراضي السورية المحتلة، وتوفر تلك المواقع المائية انسجام مع الاتفاق الأمني والعسكري بين تركيا وإسرائيل، والذي يهدف الى جعل محور استراتيجي واقتصادي شرق اوسطي، بيما يتلاءم مع المصالح التركية والإسرائيلية في المنطقة. [19]

ثانياً : ضمن اهداف السياسة الخارجية التركية أيضاً الابتعاد عن التدخل المباشر في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وذلك لهدف هام وهو بناء الدولة بعيداً عن مشاكل دول الجوار، وحتى لا تنتقل تلك المعضلات الى الداخل التركي، والذي هو بحد ذاته مكبل بمشاكل أخرى حرجة،

بالإضافة الى ادراك تركيا ان عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار من الممكن ان يسهم في تعزيز العلاقات الحسنة وبناء تعاون إقليمي جيد، بدلاً من اقتحام الخصوصية والتدخل في شؤون تلك الدول، كما أن تركيا تهدف الى تعزيز التعاون والتفاهم مع دول الجارة في محتلف المجالات، كالتجارة والاقتصاد والأمن والثقافة، والتدخل في الشؤون الداخلية في الدول المجاورة سيساهم في تصعيد التوترات السياسية والصراعات، وتركيا في غنى عن أي مشاكل لما تتبعه من استراتيجية تحمي السلام وتعتمد على تصفير المشاكل وتعمل بدلاً من احداث التصعيدات والتوترات في المنطقة على التعاون والتكاتف مع الدول على الصعيد الإقليمي والدولي، واحترام انقرة عن التدخل في الشؤون الدخلية للبلاد، سيظهر تركيا بسمعة جيدة كدولة تحترم القوانين الدولية، وهذا يعزز مصداقية تركيا وقدرتها على لعب دور إيجابي في العلاقات الدولية وهو ضمن اهداف السياسة الخارجية التركية.

ثالثاً :  مسعى تركيا في الانضمام الى المنظمات الأوروبية ” الاتحاد الأوروبي ” فمنذ انضمام تركيا لحلف شمال الأطلسي عام ١٩٥٢م، ظنا بها انها خطوة لدخول النادي الغربي الأوروبي، وكانت تلك الخطوة دعماً لخطوة توقيعها اتفاقية انقرة مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية عام ١٩٢٣م، بالإضافة الى بروتوكول انقرة الذي يؤهل الدولة الطرف فيه للحصول على العضوية في المستقبل في الاتحاد، وسبب قبول ترشيح تركيا للانضمام بالاتحاد الأوروبي هو تغير طبيعة الحكومات المشكلة له، خاصة مع وصول الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية والخضر الى السلطة، وكذلك تحسن العلاقات التركية مع العديد من الدول الأوروبية خاصة المجاورة لها.

وتهدف تركيا من الانضمام للاتحاد الأوروبي الاستفادة بعدة نقاط ، يأتي في مقدمتها أنها فرصة لتعزيز الاقتصاد التركي وتطويره، وذلك من خلال الوصول الى سوق أوروبا الموحدة، مما يمكن الشركات التركية من زيادة فرص التجارة والاستثمارة لها، وبالتالي سيحقق نمو اقتصادي كبير في البلاد. [20]

وعلى غرار دعوة تركيا الى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون والتفاهم في المنطقة، فإن الانضمام الى المنظمة الأوروبية سيضمن لها منصة لحل أي نزاعات في المنطقة بشكل سلمي وتعزيز السلام، بالإضافة الى تركيا تسعى الى تحقيق التكامل السياسي والأمني مع دول أوروبا، وهذا ان تحقق بالنسبة لتركيا بالانضمام لاتحاد أوروبا سيضمن لها تعزيز التعاون في مجالات عدة مثل الأمن ومكافحة الإرهاب وأيضاً الهجرة غير الشرعية المنتشرة في تركيا.

ويمكننا ملاحظة أن عملية انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، قد واجهت تحديات ومشكلات عدة، حتى انها لا تزال قيد المفاوضات والتقييم حتى عام ٢٠٢٤م، وان أكبر الاختلافات التي تعرقل تلك العملية هي الحكومات اليمينية داخل الاتحاد التي ترفض نهج الديانة الإسلامية في بلادها وتعترضها، لما يسمونه ” الاسلاموفوبيا ”

رابعاً:  تسعى تركيا الى تحقيق توازن دقيق في موقفها من القضية الفلسطينية، فمنذ اعترافها بإسرائيل عام ١٩٤٩م ، ومرورا باحداث ١٩٦٧م و١٩٧٣م، حاولت تركيا أن تظهر موقفا مميزا يعبر به عن حساسية تلك القضية وإظهار عدم الرضا تجاه أفعال الكيان الصهيوني المثيرة، مراعاة للعالم العربي، ولقد أعلنت تركيا مسبقاً دعمها لدولة فلسطين عبر التصريحات الرسمية والدبلوماسية، وأيدت إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على ارضها، وتعد تركيا منذ نشوب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ على يد حركة المقاومة الفلسطينية ” حماس ” هى الدولة الأكثر تقديما للمساعدات الإنسانية الى غزة، بحجم بلغ نحو ٥٤ الف طن. [21]

بالإضافة الى دعمها الدبلوماسي والسياسي في المنظمات الإقليمية والدولية للقضية الفلسطينية وادانتها الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، كما صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ١٢مايو ٢٠٢٤ في تصريح له قائلا  ” لن نسمح لإسرائيل باسكات صوت كل صاحب ضمير عبر عصا معاداة السامية ” ، وداعيا بعد ذلك جميع الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين بعد للاعتراف بها في أقرب وقت، وهذا يوضح موقف تركيا الواضح من الحرب الاسرائلية الفلسطيني

وتقوم تركيا بدعم فلسطين لما سيؤتي عليها بثمار من تعزيز دورها في المنطقة، ورفع مكانتها الدولية، ذلك سيظهر تركيا كلاعب إقليمي نشط ومؤثر في الشؤون الدولية، بالإضافة الى ان دعم تركيا لفلسطين في ظل الابادات الإنسانية الجارية سيؤكد من دورها المرتكز حول دعم قضايا العدالة وحقوق الانسان، وتعبتر تركيا الوقوف الى جانب الفلسطينين جزءاً من أهدافها ومبادئها.

استكمالاً، ومن دوافع تركيا لحل القضية الفلسطينية هو انها تؤمن بأن هذا الحل سوف يحقق الاستقرار في المنطقة ويعزز السلام الإقليمي، وهذا يعد اهم اهداف السياسة الخارجية التركية الأونة الأخيرة ” تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة ”

وبالرغم من أن الدول الكبرى لا تغير من استراتيجياتها بسهولة، حيث أن هذه الاستراتيجيات لا تصنع بالإلهام والنزوات، ظل التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، تبرز الاستراتيجية التركية كمحور مركزي لفهم التوجهات والأولويات الاستراتيجية لهذه الدولة المهمة. وسوف تلقي الدراسة الضوء على أبرز جوانب هذه الاستراتيجية حيث ترتكز على الأتي :

١)تستند تركيا على نظرية “العمق الاستراتيجي” وتقوم تلك النظرية على تبني الأفكار التالية:

-وجوب تحقيق التوازن ما بين الحرية لضمان الحرية للمواطنين داخل وخارج حدود الدولة

– ان تنشط تركيا باعتبار نفسها متنمية لجميع مناطق العالم وليس في منطقة واحدة تنتمي اليها.

– تقوم على تبني تركيا سياسات سلام استباقية، وهي عبارة عن سياسة استباقية لحل المشكلات قبل ان تتصاعد، ودليل على ذلك مبادرة تركيا في عودة تطبيع العلاقات مع الدولة المصرية بعد عقد من قطيعة العلاقات معها، وقد بادر بذلك وزير الخارجية التركي حين صرح على ألسنة ساسة اتراك ان تركيا تأمل وتطمح في عودة العلاقات المصرية التركية. [22]

– كما تتبني تلك النظرية مبدأ ” تصفير المشاكل على الصعيد الإقليمي والدولي لتركيا.

٢) بالإضافة الى استناد تركيا في علاقاتها الخارجية بصورة واضحة على نظرية ” العثمانية الجديدة ” ، وتعود هذه النظرية الى الثمانينيات من القرن الماضي الى عصر الرئيس التركي      ” تورغوت اوزال “، والذي تتبناه في الوقت الحاضر القوى الاجتماعية والسياسية التركية، ويتم اعتماد هذه النظرية من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم وقطاعات المفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات والعديد من مؤسسات المجتمع المدني، حيث تقوم العثمانية الجديدة على ركائز أساسية وهي كالتالي :

– تقوم على التصالح مع الحضارة الإسلامية المتبعة لها بسلام، وتتميز بتعدد ثقافاتها وتفهم تعدد اعراق الماضي العثماني .

– استبطان عظمة التاريخ العثماني والاعتزاز والثقة بالذات عند التعامل مع الدول الأخرى، بالإضافة الى التخلص من الشعور بالضعف او الدونية تجاه الاخرين.

وتهدف نظرية العثمانية الجديدة الى احترام العلمانية التي لا تتدخل في الشؤون الدينية بينما الدولة تكتفي فقط بتنظيمه، واما على الصعيد الخارجي فهي مزيج بين القوة الناعمة والصلبة لتحقيق اهداف السياسية الخارجية التركية

المبحث الثاني : العلاقات المصرية التركية ما بين المد والجزر

 في عالم السياسة الدولية، تشهد العلاقات بين الدول تحولات دائمة تتأثر بعوامل متعددة، سواء كانت اقتصادية، سياسية، ثقافية، أو استراتيجية. من بين هذه العلاقات المتقلبة، تبرز العلاقة بين مصر وتركيا كنموذج فريد يحمل في طياته تاريخًا طويلًا من التعاون والصراع. تمتد جذور العلاقات المصرية التركية إلى قرون عديدة، حيث كانت كلتا الدولتين تمتلكان إمبراطوريات عظيمة تنافست وتأثرت ببعضها البعض.

على مدار العقود الأخيرة، شهدت العلاقات المصرية التركية فترات من التقارب والشراكة، تلتها مراحل من التوتر والقطيعة. تعود أسباب هذا التذبذب إلى عوامل عدة منها الاختلافات الأيديولوجية، التنافس الإقليمي، والسياسات الداخلية لكلا البلدين. على سبيل المثال، تأثرت العلاقات بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر، وصعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، ثم سقوطهم لاحقًا في 2013، وما تبع ذلك من تغيرات جذرية في المشهد السياسي المصري.

يهدف هذا المبحث إلى استعراض وتحليل العلاقات المصرية التركية من زوايا متعددة، بدءًا من الجوانب التاريخية والثقافية، وصولًا إلى القضايا الراهنة التي تشكل نقاط خلاف أو تعاون بين البلدين. من خلال هذا التحليل، نسعى إلى فهم أعمق للديناميكيات التي تحكم هذه العلاقة المعقدة، واستشراف المستقبل المحتمل لها في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.

اولاً: بداية الاختلاف في العلاقات المصرية التركية

شهدت العلاقات المصرية التركية تذبذبا كبيراً من التوتر والصراع والانفراج على مدار العقد الماضي، حيث كانت توقف العلاقات بين البلدين عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي الذي كان ممثل الاخوان المسلمين  في عام ٢٠١٣م، وطالب الحشود المصرية المجلس الأعلى للقوات المسلحة باسقاط حكم الاخوان المدعوم من تركيا، وقامت القوات المصرية بمطالبة الشعب المصري بالنزول يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ للمطالبة بعزل الرئيس المصري مرسي، ومع استجابة الشعب المصري لتلك التعليمات، قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعزل الرئيس محمد مرسي، وذلك ترتب عليه اشعال حرب تصريحات من الجانب التركي، كما قام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بوصف الإطاحة بمرسي, على أنه خروج على الديمقراطية، كما عبر الرئيس التركي بان الحكومة في انقرة, لا يمكن ان تقبل نظام قام بانقلاب عسكري. [23]

من ثم اتخذت الحكومة التركية موقفاً صارماً ضد ما اطلقت عليه تركيا بالانقلاب العسكري في مصر في ٣ يوليو ٢٠١٣، حيث طلب الحكومة التركية من مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على النظام المصري وذلك بسبب فض اعتصام المؤيدين للرئيس محمد مرسي المعزول، وقد أدي هذا التحرك الى تازم العلاقات المصرية التركية في الفترة الي عقبت عزل مرسي، وهذا يثبت تدهور واضح في العلاقات الثنائية،

ولم تتجاهل الحكومة المصرية رد الفعل التركي، حيث قامت بطرد السفير التركي من مصر، وعلى أثر ذلك أيضا تم تخفيض العلاقات الى مستوى القائم بالاعمال منذ تاريخ ٢٣نوفمبر ٢٠١٣م، ومن ثم تحولت العلاقات بين البلدين الى مرحلة جمود وتباعد، واتخذت كل دولة اتجاهات متعارضة في جميع القضايا الإقليمية والدولية، فكان النظام المصري ينظر للدعم القوي  التركي لحكم الاخوان المسلمين باختلاف سياستها فالعلمانية في البلاد، واعتبرت تركيا الانقلاب في مصر على انه انعكاس لانقلابات تركيا السابقة.وفي هذا السياق اخذت العلاقات بين البلدين في التوتر أكثر، وسارع النظام السياسي المصري في مواجهة تنظيم الاخوان على الصعيد الإقليمي والدولي منذ عام ٢٠١٤م، واعتبر النظام الاخوان التهديد الرئيسي لمصر على كافة الأصعدة، وبالتالي سارعت مصر في اضعاف فرص الأحزاب السياسية في المنطقة من الانتشار في الدول الجارة لها.[24]

استكمالاً لتاريخ الخلافات في العقد السابق بين البلدين، حين قامت مصر بتوقيع اتفاقيات مع اليونان وقبرص لترسيم الحدود بينهما، وذلك وفقا للقانون الدولي للبحار، وهذة الاتفاقيات تهدف الى تحديذ المناطق الاقتصادية الخالصة لكل دولة ، حتى تستطيع الاستفادة من الموارد الطبيعية في تلك المناطق، ورفضت الحكومة التركية ان تعترف بتلك الاتفاقيات واعتبرتها غير قانونية، مؤكدة بأن لها حقوق تاريخية وقانونية في أجزاء من المناطق المتنازع عليها، وتهدف تلك التصريحات التركية الى محاولة للحاق بكعكة من كعكة الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط بعد ان ما تم استبعادها من تلك الكعكة لعذم امتلاكها إقليم قانوني لها يمكنها من المشاركة في اكتشاف الغاز الكبير.

وقعت حكومة تركيا اتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية في نوفمبر ٢٠١٩م لترسيم الحدود البحرية بينهما، هذه الاتفاقية تضع حداً بحرياً يمتد من الساحل الشمالي الشرقي لليبيا، وبذلك تمنح الاتفاقية ليبيا الحق في مناطق يعتبرها اليونان ومصر جزءاً مناطقهم الاقتصادية الخاصة، واعتبر كل من مصر واليونان الاتفاقية التركية الليبية انتهاكاً لمناطقهم الخاصة ، وانها تتداخل في سيادتها الإقليمية، وعلى اثر ذلك قامت مصر واليونان بتكثيف التعاون للرد على هذا.

بالإضافة الى ذروة التوترات بين البلدين  في يونيو عام ٢٠٢٠م، حيث كانت مصر تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر الذي كان يسيط على شرق وجنوب ليبيا، وكانت مصر تعتبر حفتر حليفاً لها ضد الجماعات المتطرفة لضمان استقرار الحدود الغربية لها، بينما كانت تدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً، وبلغ الامر ذروته حين هددت مليشيات من الغرب الليبي مدعومة من تركيا بالزحف نحو مدينة سرت، واعلن حينها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ان سرت والجفرة خط احمر لن يقبل بتجاوزه.

ثانياً :  عود العلاقات المصرية التركية بعد فترة توتر وجمود

بعد ما يقارب قد على قطيعة العلاقات المصرية التركية، استطاعت مصر التمسك بسياسة خارجية متزمة منذ ٢٠١٤م، وذلك دون الدخول في مواجهة مباشرة مع أي طرف، بالرغم من التطورات المتلاحقة وحالة التوتر الحادة على الساحة الإقليمية والدولية والتي تجعل مثل هذا التوازن أمراً صعباً، الا أن مصر بحكمة وثبات سياستها الخارجية تمكنت من فرض شروطها على الدولة التركية، حيث حدث تطور غير متوقع عام ٢٠٢١م، حيث خرجت تصريحات رسمية من الساسة الاتراك وكان أهمها تصريح الرئيس التركي اردوغان حيث صرح بأن ” الشعب المصري لا يختلف عن تركيا “، وكان يسبقها تصريحات وزير الخارجية التركي تشاويش اوغلو الذي أشاد بأن مصر وتركيا لديهما ثقلهما الاستراتيجي والجيوسياسي في المنطقة والعالم ولديهما اطرل مساحة من الحدود على طول شرق البحر الأبيض، ويمكننا ترجمة تلك التصريحات على انها بمثابة تودد الى النظام السياسي المصري، بعد قطيعة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين مع فترة الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المدعوم من النظام التركي عام٢٠١٣م. [25]

من ثم أتى الرد المصري على تلك التصريحات التركية، حيث صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري باملاء الشروط والضوابط التي بإمكانها إعادة العلاقات بين البلدين مرة أخرى، بالإضافة الى تأكيده على ان اذا وجدت مصر تغييراً في السياسة التركية السابقة من جانب عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة، سترحب مصر بعودة العلاقاتزالطبيعية مع انقرة، وأيضا تسليط الضوء على ان قنوات الحوار في القاهرة لا تكفي بل يجب أن تقترن بافعال من الجانب التركي.

واتى بعد ذلك اللقاء الشهير الذي جمع بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب اردوغان ومصافحتهما في افتتاح بطولة كاس العالم لكرة القدم بقطر نوفمبر ٢٠٢٢م ، وفي هذا السياق اجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب اردوغان لتقديم التعازي والمواساة على اثر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في بداية عام ٢٠٢٣م، ويعتبر اول اتصال معلن عنه بعد اللقاء الشهير في الدوحة.

وفي هذا السياق، توالت الزيارات بين البلدين، حيث قام وزير الخارجية التركي بزيارة لمصر باعتبارها اول زيارة لمسؤول تركي رفيع المستوى بعد عقد من الزمان من العلاقات المتوترة، حتى أتت الزيارة الأهم من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لمصر في ١٤ فبراير ٢٠٢٤م، وهي اول زيارة لاردوغان منذ اثنا عشر عاماً ، حيث كانت اخر زيارة له عام ٢٠١٣ وكان كرئيس وزراء ليس كرئيس، واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نظيره التركي في القاهرة، واتت تلك الزيارة للبحث حول إيجاد حل للقضية الفسلطينية والسعي نحو وقف اطلاق النار في غزة، بالإضافة الى النظر والتاكيد على الطائرات المسيرة التركية عدد ٥٠ والتي أرسلها الرئيس التركي لمصر مسبقاً عن الزيارة.

يمكن القول إن العلاقات المصرية التركية تجسد مثالاً حيًا على التغيرات الديناميكية التي تميز العلاقات الدولية. من فترات توتر وخلاف حاد إلى فترات من التعاون والصداقة، تبرز هذه العلاقة كمثال واضح على كيفية تداخل المصالح الوطنية والإقليمية والدولية في تشكيل السياسات الخارجية. إن التحولات الأخيرة من النزاع حول قضايا مثل اكتشافات الغاز في البحر المتوسط والتدخلات في الشأن الليبي، إلى جهود التقارب والتعاون تشير إلى أن الدولتين قادرتان على تجاوز التحديات وتعزيز الروابط المشتركة عندما تقتضي الظروف ذلك.

إن من خلال دراسة تطور العلاقات بين مصر وتركيا تكشف عن نمط من المد والجزر يعكس تعقيدات المشهد الجيوسياسي في المنطقة. وعلى الرغم من الخلافات العميقة التي شهدتها السنوات الماضية، إلا أن كلا البلدين أظهرا مرونة دبلوماسية واستعدادًا لإعادة بناء الثقة والتعاون بما يخدم مصالحهما المشتركة. هذه العلاقة المتغيرة تسلط الضوء على أهمية التواصل الدائم والحوار البناء في تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي، مما يعزز الفهم العميق لدور التفاعل السياسي والدبلوماسي في إدارة الصراعات وتحقيق التنمية المشتركة.

الخاتمة

تعد السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط بين عامي 2013 و2024 مثالاً واضحاً على التوازن الدقيق بين التوجهات الوطنية والتحديات الإقليمية والدولية. خلال هذه الفترة، تبنت مصر استراتيجيات متنوعة لتعزيز دورها كقوة إقليمية مؤثرة في المنطقة، مع التركيز على حماية أمنها القومي وتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول الجوار.

اما من الناحية السياسية، عملت مصر على استعادة دورها التقليدي كوسيط إقليمي رئيسي، خصوصاً في القضايا الفلسطينية والسورية واليمنية. انخرطت القاهرة بشكل فعال في محادثات السلام والمفاوضات، مستغلة موقعها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية لتعزيز استقرار المنطقة. كما ساهمت في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكدة على ضرورة التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.

من ثم اقتصادياً، سعت مصر لتعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع دول الخليج العربي، وكذلك مع تركيا ودول أخرى في الشرق الأوسط. لعبت قناة السويس الجديدة، التي افتتحت في عام 2015، دوراً محورياً في زيادة التجارة الإقليمية والدولية، مما عزز مكانة مصر كمعبر تجاري استراتيجي. كما استهدفت مصر تحسين بيئتها الاستثمارية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مما ساعد على تحسين اقتصادها المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.

استكمالاً، عسكرياً، حافظت مصر على جاهزية قواتها المسلحة وأعادت تنظيم استراتيجياتها الدفاعية لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة. نفذت القاهرة عمليات عسكرية لحماية حدودها، خاصة في سيناء، وشاركت في التحالفات العسكرية الإقليمية، مؤكدة على التزامها بحماية الأمن القومي العربي. هذا النهج العسكري عزز من مكانة مصر كقوة دفاعية قادرة على مواجهة التهديدات الإقليمية.

ومن ثم يمكن القول إن السياسة الخارجية المصرية تجاه منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة بين 2013 و2024 تميزت بالمرونة والتكيف مع التحديات المتغيرة. استطاعت مصر، من خلال مزيج من الدبلوماسية النشطة والتحركات الاقتصادية والعسكرية، تعزيز دورها الإقليمي وتأمين مصالحها الوطنية. ورغم التحديات الكبيرة، أظهرت القاهرة قدرة كبيرة على المناورة وتحقيق التوازن بين مختلف القوى الإقليمية والدولية، مما يعزز من استقرارها ويؤكد دورها القيادي في المنطقة.

في المستقبل، يبقى التحدي الأكبر لمصر هو الحفاظ على هذا التوازن وتحقيق مزيد من الاستقرار الإقليمي، وسط بيئة سياسية واقتصادية متغيرة باستمرار. ومع استمرار تطور الأوضاع في الشرق الأوسط، سيكون على مصر مواصلة تقييم سياساتها وتعديل استراتيجياتها بما يتماشى مع مصالحها الوطنية والإقليمية، لضمان مستقبل أكثر استقراراً وأماناً للمنطقة ككل.

النتائج

  • التركيزحولأهميةالتوازنبينالمبادئوالمصالح: حيثظهرتالعلاقاتالمصريةالتركيةكيفيمكنأنتؤديالاختلافاتالأيديولوجيةوالسياسيةإلىتوترالعلاقات،وأنهمنالضروريالحفاظعلىتوازنبينالمبادئالقوميةوالمصالحالاستراتيجيةلتحقيقاستقرارالعلاقاتالثنائية.
  • ابرازتأثيرالتغيراتالداخليةعلىالسياسةالخارجية،كماأوضحتهذهالفترةكيفيمكنللتغيراتالسياسيةالداخليةفيدولةما،مثلتغييرالحكوماتأوالأنظمة،أنتؤثربشكلكبيرعلىتوجهاتهاالخارجيةوعلاقاتهامعالدولالأخرى.
  • تسليطالضوءعلىالدورالحيويللدبلوماسيةفيإدارةالأزمات،حيثأظهرتالتجربةالمصريةالتركيةأهميةالدبلوماسيةكأداةرئيسيةفيإدارةالأزماتوالتوتراتبينالدول. حتىفيظلالتصعيد،تبقىالدبلوماسيةالوسيلةالأفضللتجنبالصداماتالمباشرة.
  • توضيحالعلاقةبينمصروتركياوتأثيرالتنافسالإقليميعلىالعلاقاتالثنائية،خصوصًافيمناطقمثلشرقالبحرالمتوسطوليبيا. يبرزهذاأهميةوضعاستراتيجياتللتعاملمعالتنافسالإقليمي.
  • ابرازدورالإعلامفيتشكيلالرأيالعاموالعلاقاتالخارجية،حيثلعبالإعلامدورًابارزًافيتأجيجالتوتراتبينمصروتركيا،ممايبرزأهميةالإعلامفيتشكيلالرأيالعاموالعلاقاتبينالدول،وكيفيمكنأنيستخدمكأداةللتأثيرالإيجابيأوالسلبي.
  • انالاقتصادكجسرللتواصلرغمالخلافات: بالرغمالتوتراتالسياسية،استمرتبعضالعلاقاتالاقتصاديةبينمصروتركيا،ممايظهرأنالاقتصاديمكنأنيكونجسرًاللتواصلبينالدولحتىفيظلالخلافاتالسياسية.
  • أهميةالتحالفاتوالشراكاتالإقليميةحيثبرزتأهميةالتحالفاتوالشراكاتالإقليميةلمصر،مثلتلكمعاليونانوقبرص،فيمواجهةالسياساتالتركيةفيشرقالبحرالمتوسط. يوضحهذاالدرسأهميةبناءشبكاتتحالفاتإقليميةلتعزيزالمواقفالتفاوضية.
  • تسليطالضوءعلىإمكانيةالتقاربالتدريجي،فعلىالرغممنالفتراتالطويلةمنالتوتر،فإنبعضالمؤشراتعلىالتقاربالتدريجيبينمصروتركيامنذ 2021 تشيرإلىأنالعلاقاتالدوليةليستثابتةوأنهمنالممكنتحسينالعلاقاتعبرالحواروالتفاهمالمشترك

قائمة المراجع

اولاً : الرسائل العلمية

١) رايق سليم البريزات ، مشروع الشرق الأوسط الكبير والسياسة الخارجية الأمريكية ( الأهداف والأدوات والمعوقات ) ، ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط الكبير، كلية العلوم الإنسانية ، ٢٠٠٨، ص ٢

٢)احمد الرحاحلة , الدور التركي الجديد في منطقة الشرق الأوسط ” الفرص والتحديات “ , ( جامعة الشرق الأوسط , كلية الاداب والعلوم ) , (٢٠١٤)

٣) شحماط مراد , توجهات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط ,  ( جامعة قسنطينة ، كلية العلوم السياسية ) , (٢٠١٨)

٤) نغم سلام ، احمد قيس, (السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية ١٩٧٧: ١٩٩٠), رسالة ماجستير , جامعة بغداد , كلية الاداب , ٢٠٢١, ص٣٢

ثانياً : الدوريات العلمية

١)احمد حمادي, ( التنافس على مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط ), مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس رئاسة الوزراء, ١٣ اغسطس ٢٠١٣

٢) عبدالحق زغدار، فهيم رملي, (التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية التركية : دراسة في الجذور النظرية والفكرية ), مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية , ديسمبر ٢٠١٤.

٣) غانية شطاب, محددات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط , المجلة الجزائرية للأمن والتنمية, يناير ٢٠١٦

٤) محمد عربي لادمي, (السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة : المحددات والابعاد), المركز العربي الديمقراطي , ديسمبر ٢٠١٦

٥) صلاح البنداري , مستقبل العلاقات المصرية التركية على ضوء ثورتي ” ٢٥ يناير ٢٠١١ و ٣٠ يونيو ٢٠١٣ , المركز الديمقراطي العربي, ( ٢٠١٧)

٦) معنز سلامة , ( مصر وتركيا التأسيس لعلاقة استرانيجية), مركزالاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ,١٤ فبراير ٢٠٢٤

٧) محمد عربي لادمي, (السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة : المحددات والابعاد), المركز العربي الديمقراطي , ديسمبر ٢٠١٦

٨) محمد نصر الدين, أهمية قناة السويس للاقتصاد القومي والبدائل المنافسة, المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية , نوفمبر ٢٠١٨

٩) ابتهال أبو الرجال, العلاقات المصرية التركية بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١,  المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية , (٢٠٢٠)

١٠) خالد فؤاد , صنع السياسة الخارجية المصرية بين الثايت والمتغير : نحو تصور لسياسة خارجية اكثر فاعلية , مجموعات التحفيز السياسي , {يناير ٢٠٢١)

١١) احمد فؤاد أنور, ( الجمهورية الجديدة: محددات السياسة الخارجية المصرية ) , المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية, ٢٢ سبتمبر ٢٠٢١

١٢) عزت سعد , توجهات السياسة الخارجية المصرية (منذ ٢٠١٤ وحتى الان ) , مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار , (٢٥ يوليو ٢٠٢١)

١٣) مايسة خليل , محدد ات السياسة الخارجية المصرية تجاه دول حوض النيل منذ “٢٠١٤” اثيوبيا نموذجاً , المركز الديمقراطي العربي , (فبراير ٢٠٢٢)

١٥) طارق فهمي , الدوائر المقترحة للسياسة الخارجية المصرية في ظل الجمهورية الجديدة وتأثيراتها على الأمن القومي المصري , الامن القومي والاستراتيجية , ( يناير ٢٠٢٣)

١٦) سامية احمد , مستقبب العلاقات العربية التركية بعد فوز اردوغان في الانتخابات الرئاسية التركية ٢٠٢٣ ,  المركز العربي الديمقراطي , ( ٢٠٢٣)

١٧) ايمن السيد عبدالوهاب , السياسة الخارجية المصرية في إقليم متغير, مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية , ( ستمبر ٢٠٢٣)

١٨) معنز سلامة , ( مصر وتركيا التأسيس لعلاقة استرانيجية), مركزالاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ,١٤ فبراير ٢٠٢٤

ثالثاً : مقالات الصحف.

١) محمود سامح همام, ( عودة العلاقات المصرية الإيرانية بين الحذر والترقب), بوابة مصر الآن ,  ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣

٢)   محمود سامح همام,  الى أي مدى ستتجه العلاقات المصرية التركية بعد فوز اردوغان , بوابة مصر الآن , ٦ يونيو ٢٠٢٣

رابعاً : الصحف

١)ثروات الشرق المتوسط والتنافس الإقليمي المستعمر, سكاي نيوز عربية, ٩ يوليو ٢٠١٩,  https://rb.gy/o84psh

٢)ابرز محطات الخلاف بين مصر وتركيا , سكاي نيوز بالعربية , ١٤ فبراير ٢٠٢٤, https://rb.gy/clwpbb

٣) تركيا الأكثر تقديما للمساعدات الى غزة , بوابة الشروق ,  ١٢ مايو ٢٠٢٤, https://rb.gy/z6hld1

٤)  مصر.. انطلاق المناورات العسكرية ” هرقل ٢ ” بمشاركة دولية, الجزيرة , ٢١ أغسطس ٢٠٢٢, https://rb.gy/o84psh

٥)مضيق هرمز.. العنق الرئيسي للنفط قي العالم , الجزيرة , ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣,  https://shorturl.at/mwKTW

٦)ثروات الشرق المتوسط والتنافس الإقليمي المستعمر, سكاي نيوز عربية, ٩ يوليو ٢٠١٩,  https://rb.gy/o84psh

رابعاً : المواقع الالكترونية

١) السياسة الخارجية المصرية, الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر , ١٨ ابريل ٢٠١٦ , https://shorturl.at/enrUW

٢) تركيا الأكثر تقديما للمساعدات الى غزة , بوابة الشروق ,  ١٢ مايو ٢٠٢٤, https://rb.gy/z6hld1

٣) مصر وقارة افريقيا , الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر, ٢٦ يونيو ٢٠٢٢,  https://rb.gy/o84psh

٤) قمة القاهرة للسلام ٢٠٢٣, الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر, ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣, https://sis.gov.eg/Story/264766?lang=ar 

٥) تركيا الأكثر تقديما للمساعدات الى غزة , بوابة الشروق ,  ١٢ مايو ٢٠٢٤, https://rb.gy/z6hld1 

[1] رايق سليم البريزات ، مشروع الشرق الأوسط الكبير والسياسة الخارجية الأمريكية ( الأهداف والأدوات والمعوقات ) ، ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط الكبير، كلية العلوم الإنسانية ، ٢٠٠٨، ص ٢

[2]  مقلد، إسماعيل صبري. العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات ،الكويت، الطبعة الخامسة، منشورات ذات السلاسل, ١٩٨٧.ص٧٦

[3] عربي لادمي احمد , السياسة الخارجية : دراسة في المفاهيم والتوجهات والمحددات , المركز الديمقراطي العربي , ٢٠١٦،ص ١٠

[4] احمد مجدي , منهج دراسة الحالة ( الأهداف – الخطوات – الأهمية) , مكتبتك (شبكة المعلومات العربية), ٢٠٢٢.

[5] ايمانيول وولرستين , تحليل النظم الدولية , مركز الجزيرة للدراسات , (٢٠١٥)

[6] السياسة الخارجية المصرية, الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر , ١٨ ابريل ٢٠١٦ , https://shorturl.at/enrUW

[7]  احمد حمادي, ( التنافس على مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط ), مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس رئاسة الوزراء, ١٣ اغسطس ٢٠١٣

[8]  مضيق هرمز.. العنق الرئيسي للنفط قي العالم , الجزيرة , ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣,  https://shorturl.at/mwKTW

[9]  محمد نصر الدين, أهمية قناة السويس للاقتصاد القومي والبدائل المنافسة, المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية , نوفمبر ٢٠١٨

[10]  ثروات الشرق المتوسط والتنافس الإقليمي المستعمر, سكاي نيوز عربية, ٩ يوليو ٢٠١٩,  https://rb.gy/o84psh

[11]  تاريخ الشرق الأوسط , المكتبة الوطنية الإسرائيلية , يناير ٢٠٢٣, https://www.nli.org.il/ar/discover/middle-east

[12]  احمد فؤاد أنور, ( الجمهورية الجديدة: محددات السياسة الخارجية المصرية ) , المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية, ٢٢ سبتمبر ٢٠٢١

[13]  محمود سامح همام, ( عودة العلاقات المصرية الإيرانية بين الحذر والترقب), بوابة مصر الآن ,  ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣

[14]  نغم سلام ، احمد قيس, (السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية ١٩٧٧: ١٩٩٠), رسالة ماجستير , جامعة بغداد , كلية الاداب , ٢٠٢١, ٢٠

[15]  قمة القاهرة للسلام ٢٠٢٣, الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر, ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣, https://sis.gov.eg/Story/264766?lang=ar

[16]  مصر.. انطلاق المناورات العسكرية ” هرقل ٢ ” بمشاركة دولية, الجزيرة , ٢١ أغسطس ٢٠٢٢, https://rb.gy/o84psh

[17]  مصر وقارة افريقيا , الهيئة العامة للاستعلامات بوابتك الى مصر, ٢٦ يونيو ٢٠٢٢,  https://rb.gy/o84psh

[18]  غانية شطاب, محددات السياسة الخارجية التركية تجاه منطقة الشرق الأوسط , المجلة الجزائرية للأمن والتنمية, يناير ٢٠١٦

[19] عبدالحق زغدار، فهيم رملي, (التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية التركية : دراسة في الجذور النظرية والفكرية ), مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية , ديسمبر ٢٠١٤.

[20] محمد عربي لادمي, (السياسة الخارجية التركية تجاه المشرق العربي بعد الحرب الباردة : المحددات والابعاد), المركز العربي الديمقراطي , ديسمبر ٢٠١٦

[21]  تركيا الأكثر تقديما للمساعدات الى غزة , بوابة الشروق ,  ١٢ مايو ٢٠٢٤, https://rb.gy/z6hld1

[22]  مايسة خليل حسن , العلاقات المصرية التركية (٢٠١٣:٢٠٢٣) المحددات والابعاد , المركز العربي الديمقراطي , (٢٠٢٣

[23]  محمود سامح همام,  الى أي مدى ستتجه العلاقات المصرية التركية بعد فوز اردوغان , بوابة مصر الآن , ٦ يونيو ٢٠٢٣

[24]  ابرز محطات الخلاف بين مصر وتركيا , سكاي نيوز بالعربية , ١٤ فبراير ٢٠٢٤, https://rb.gy/clwpbb

[25]  معنز سلامة , ( مصر وتركيا التأسيس لعلاقة استرانيجية), مركزالاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ,١٤ فبراير ٢٠٢٤

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى