الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

هجرة العقول خارج مصر

اعداد : كرستين مرجس جرجس – باحثة في العلوم السياسية

  • المركز الديمقراطي العريي

 

الملخص :

تهدف هذه الورقة إلي تحليل ظاهرة هجرة الأطباء خارج مصر من خلال استعراض أسباب الظاهرة للوصول إلي توصيات يمكن تطبيقها علي أرض الواقع لتحد من آثار هذه الظاهرة سواء علي مستوي تقديم الخدمة الصحية أو علي المستوي الأقتصادي والإجتماعي بلا شك ؛فهجرة الأطباء أصبحت أمر واقع مسلم به تواجهه الدولة بشكل مكثف خاصة في السنوات الأخيرة.

مقدمة

“شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة موجة غير مسبوقة من هجرة الكوادر الطبية ، والأطباء إلي الخارج ”

وفقا لما جاء  في خطاب أحد أعضاء مجلس النواب موضحاً مدي خطورة هجرة الأطباء علي تطوير وتحسين الخدمة الطبية في مصر؛ بناء علي ذلك شكلت هجرة الأطباء قلقا واسعا للحكومة المصرية لما يعانيه القطاع الطبي من فقدان ١١الفا و٥٣٦طبيبا  منذ عام ٢٠١٩ حتي ٢٠مارس ٢٠٢٠ طبقا للتقرير الأخير الصادر عن نقابة الأطباء ولهذا التقرير تداعيات سلبية علي المنظومة الصحية في مصر خلال السنوات القادمة .

أسباب الظاهرة

_إلزام الأطباء بفوز نبطشيات أكثر من ٩٦ ساعة في الأسبوع في حين أن قانون العمل المصري ينص علي “أنه لا يجوز تشغيل العامل أكثر من ٨ساعات يومياً أو ٤٨ ساعة أسبوعياً

_ الاعتداء علي الطبيب جسدياً ولفظيا مثال علي ذلك: الاعتداء علي أطباء مستشفى المطرية في عام ٢٠١٦ومستشفي الهلال عام ٢٠١٩وغيرها من الاعتداءات المتلاحقة

_إلزام الأطباء علي العمل في أماكن نائية دون توفير سكن مخصص للأطباء ومعيشة كريمة له ووسائل نقل مما ينعكس سلباً علي صحة الأطباء وحياته الاجتماعية وتجسد ذلك واقعياً في وفاة الطبيبة سارة أبو بكر جراء الاهمال في تجهيز سكن آدمي

_عدم توافر بدل عدوي مناسب للأطباء فالطبيب يتقاضي بدل عدوي فقير جدا بما يعادل ١٩ جنيها

_تشجع الدول المهتمة بالبحث العلمي من خلال مؤسسات البحث والاستكشاف الأطباء علي الهجرة لتلك الدول  ، كما توفر الدول المستقطبة الإمكانيات العلمية من معامل ووسائل بحث مختلفة.

_عدم توافر خطط تدريبية ممنهجة للأطباء تدعم قدرتهم  المهنية وتطور خبراتهم في المجالات المتخصصة

_تشير إحدى الإحصائيات من نقابة الأطباء  إلي هجرة سبعة آلاف طبيب سنويا كما يستقيل عشره آلاف طبيب من وظائفهم في مستشفيات حكومية للعمل في عيادات خاصة وذلك بسبب الإجراءات التعسفية ضد الأطباء كالتعند الإداري والتراخيص الورقية في المصالح الحكومية

_عدم توافر المناظير والأجهزة الجراحية المتطورة إلا في مستشفيات قليلة كقسطرة القلب ،مناظير الجهاز الهضمي وجراحات القلب والصدر مع نقص في الأدوية وقد يتحمل الطليب أي نقص في المستلزمات الطبية

_ يواجه الأطباء صعوبة في الحصول علي درجة علمية إضافية وارتفاع تكلفتها

_ عدم وجود قوانين فعالة لحماية الأطباء من الاعتداءات والحبس الإحتياطي والغرامات المالية في حالة عدم التفرقة بين الإهمال الطبي والخطأ الطبي الغير متعمد مما نتج عنه تعرض الكثير من الأطباء للمساءلة القانونية دون حمايتهم وفق قانون عادل وشامل .

_يفتقر الأطباء التقدير داخل وطنهم يظهر ذلك في تدني الأجور وطول ساعات العمل فقد يحصل الطبيب علي ٦٠جنيها في فترة العمل المسائية ١٢ساعة بعد ساعات العمل المقررة ،فى حين أن مرتب الطبيب فى صربيا يعادل ١٢ ألف جنيه، وفى السويد ٣٠ ألف جنيه، وفى السعودية فإن أدنى راتب هو ٢٢ ألف جنيه، وفى الصومال ما يعادل ٩١ ألف جنيه، وفى تركيا ٢٢ ألف جنيه، وفى هولندا يحصل الطبيب المتخصص على ٢٥٣ ألف دولار سنويّا

_النظر إلي أطباء  قسم التخدير كدرجة ثانية ويتم تحميله أخطاء العمليات الجراحية ولايزيد المقابل المادي عن خمس التكلفة مما يشجع هؤلاء الأطباء إلي تجنبه أو الهجرة إلي الدول الأوروبية التي وضعت حوافز للتخصصات ذات العجز بحسب تصريح الدكتور رشوان شعبان عضو مجلس نقابة الأطباء

أثار الظاهرة

_ تواجه المنظومة الصحية عجز في مقدمي الخدمة الصحية في مصر خاصة التخصصات التي تحتاج جهداً ويتعرض الأطباء للخطورة في ممارستها .

_عجز في التخصصات الرعاية المركزة والطوارئ والتخدير داخل المستشفيات والتي لايقبل عليها الخريجون نظرا لعدة أسباب منها عدم قدرتهم علي فتح عيادات خاصة وبذلهم جهد مضعف

_ هجرة الأطباء تهدد تطبيق مشروع (التأمين الصحي الشامل) الذي تسعي القيادة السياسية لتطبيقه وذلك نظرا للعجز في عدد الأطباء في بعض المحافظات

_تضحية الدولة بقوة تنموية ذات كفاءة تضيف إلي قطاعات التنمية من معرفة وأبحاث طبية وطاقة عمل (ثروة بشرية )

_هجرة الأطباء تهدد الأمن القومي المصري فمن الملحوظ استجذاب دول العالم للطبيب المصري الذي اثبت جدارة وتفوق بامتلاكه خلفية علمية وبالتالي افتقار مصر للكفاءات العلمية .

_تتسبب هجرة الأطباء في فقدان الحكومة لنسبة كبيرة من الضرائب التي من المفترض دفعها في حالة بقاء الأطباء داخل مصر

التوصيات

_الإسراع في صدور “قانون المسؤلية الطبية” لحماية الأطباء من الحبس الإحتياطي والغرامات في حالة الخطأ الطبي الغير متعمد .

_عمل صندوق دعم مرتبات الأطباء يتم تمويله من قبل منظمات المجتمع المدني والجمعيات الطبية الخاصة وشركات التأمين.

_منح تسهيلات للأطباء من قبل النقابة الصحية خاصة التسهيلات الإدارية والأجراءات الخاصة بالمعاشات والتأمينات.

_تخصيص مؤتمرات طبية دولية  لمناقشة أحدث التطورات وأدق التقنيات التي توصل إليها الطب الحديث

_توفير وسائل نقل مخصصة للأطباء الذين يعملون في أماكن نائية وتقديم حوافز إضافية لهم وسكن معيشي مناسب الإمكانيات للحياة الكريمة خصوصا الأطباء المغتربين طبقا للمادة 18 من الدستور والتي  تنص على: “لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل.

_الطبيب محاط ببؤرة خطر العدوي لذا لابد من التأمين علي حياة الطبيب وتقديم بدل عدوي مناسب

_إتاحة الفرص التدريبية ومعدات خاصة للتدريب للأطباء المستجدين لزيادة ممارستهم المهنية وتحسين قدراتهم

_فرض رقابة علي شركات التأمين المتعاقدة مع المستشفيات الحكومية للتأكد من حماية الأطباء بطريقة آمنة من أي اعتداءات داخل المستشفيات

_حفظ حق المواطن والطبيب على حد سواء، من خلال تفعيل منظومة التأمين الصحي الشامل بالتوازي مع تحسين الأوضاع المادية للطبيب

_تحديد ساعات العمل للطبيب وفق المادة 46 من قانون الخدمة المدنية تنص على:

تُحدد السلطة المختصة أيام العمل فى الأسبوع  وتوزيع ساعاته وفقًا لمقتضيات المصلحة العامة، على ألا يقل عدد ساعات العمل الأسبوعية عن خمس وثلاثين ساعة ولا تزيد على اثنتين وأربعين ساعة وتخفض عدد ساعات العمل اليومية بمقدار ساعة للموظف ذى الإعاقة، والموظفة التى ترضع طفلها وحتى بلوغ العامين، والحالات الأخرى التي تبينها اللائحة التنفيذية.

_تشجيع  استثمارات القطاع الخاص لتطوير المنشآت الصحية و بناء منشآت جديدة و تجهيزها لتغطي جميع المحافظات بحيث يكون تقديم الجزء الأكبر من هذه الخدمات دور القطاع الخاص ،الوضع الحالي يشير الى ان دور القطاع الخاص قليل جداً فيما تم من مشروع التأمين الصحي الشامل. لذلك يجب تشجيع القطاع الخاص و هذا أمر متفق عليه. لكن حتى الآن لا يوجد تشجيع حقيقي للقطاع الخاص للإنفاق والاستثمار في هذ الملف

_ضرورة الدعم المجتمعي والإعلامي للأطباء و العناصر الطبية لتقليل معدلات هجرة الأطباء

_تقديم حوافز مادية أو معنوية (كالشهادات أو الدروع) للأطباء ذات تخصصات نادرة

المراجع  

  • مصدر مباشر :مقابلة مع أحد أطباء المستشفيات الحكومية
  • ظاهرة هجرة شباب الأطباء خارج مصر : المشكلات والحلول ، جامعة السويس ، سبتمبر ٢٠٢٢
  • خطاب حول هجرة الأطباء خارج مصر، كلية السياسة والاقتصاد ، جامعة بني سويف ، أبريل ٢٠٢٣
  • مواقع انترنت

– طلب برلماني بسبب ارتفاع هجرة الأطباء المصريين لبريطانيا بنسبة 200%،جريدة النبأ الوطني،١١مارس ٢٠٢٣،متاح علي https://www.elnabaa.net/983321

-من النواب للحكومة.. أوقفوا هجرة الأطباء بتحسين أوضاعهم ،برلماني، ٢٣إبريل ٢٠٢٣، متاح علي https://www.parlmany.com/News/

-إيمان مبروك ، برلمان المصري علي خط مواجهة زيادة “هجرة الأطباء ،صحيفة الشرق الأوسط ،مارس ٢٠٢٣متاح علي https://aawsat.com/home/article/4206571/

“هجرة الأطباء ” من مصر ، سبوتينيك عربي ، فبراير٢٠٢٣، متاح علي https://sputnikarabic.ae/20230207/%”9%8

-جهود حكومية لوقف هجرة 62% من قوة مصر الطبية.. كيف نشجع الأطـباء على البقـاء؟، بوابة الأهرام ،٢٢_١_٢٠٢١، متاح علي https://gate.ahram.org.eg/News/2564”05.aspx

-صلاح الغزالي حرب، أزمة الأطباء تهديد للأمن القومي المصري ، أغسطس ٢٠٢٢، متاح علي https://www.almasryalyoum.com/news/details/2660575

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى