الدراسات البحثيةالمتخصصة

الصراع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير

The Indian-Pakistani conflict over the Kashmir region

 اعداد: اسيل محمود الكردي – المركز الديمقراطي العربي

 

  الملخص :

تناولت هذه الدراسة توضيح فعلي للصراع الهندي الباكستاني حول اقليم كشمير واسباب وتداعيات هذا الصراع واهم مراحله ومن هم الاطراف الفعلية  والوسطاء الدوليين لهذا الصراع من خلال اتخاد منهجية تحليل الصراع بنماذج تحليل الصراع (شجرة الصراع  ،البصلة ، المثلث،الشد العكسي ) وتوصلت الدراسة الي وضع تسوية لهذا الصراع وايجاد بعض الحلول .

Abstract

This study dealt with an actual clarification of the Indo-Pakistani conflict over the Kashmir region, the causes and repercussions of this conflict, its most important stages, and who are the actual parties and international mediators of this conflict by adopting a conflict analysis methodology using conflict analysis models (conflict tree, onion, triangle, and reverse tension). The study reached a settlement. To this conflict and find some solutions.

المشكلة البحثية وتساؤلاتها

انطلقت المشكلة البحثية من طبيعية الصراع الهندي الباكستاني حول اقليم  كشمير الذي يعد صراع قائم في اساسه حول مصالح جغرافية وسياسية ودينية لكلا البلدان اتجاه الاقليم خاصة ان الصراع  بين البلدان هو صراع ديني  من بداية استقلال الدولة الهندية والباكستاتية وفهم جذور الصراع من خلال استخدام نماذج تحليل الصراع .

الاسئلة البحثية

  1. ما طبيعة الصراع الهندي الباكستاني حول اقليم كشمير ؟
  2. ما اهمية كشمير لكلا البلدين؟
  3. ما مستقبل الصراع الهندي الباكستاني حول اقليم كشمير ؟

أهمية البحث: تكمن اهمية الدراسة  في التعرف على طبيعة  الصراع الهندي الباكستاني حول اقليم كشمير ومحاولة التوصل الى تسوية لحل هذه الصراع من خلال استخدام نماذج تحليل الصراع.

هدف البحث

  1. التعرف على العوامل المشتركة بين الهند وباكستان.
  2. معرفة جذور الصراع حول اقليم كشمير واهمية تلك المنطقة  لكل من الهند وباكستان.
  3. التعرف  على الادوار الدولية في التوسط لحل الصراع.

فرضية الدراسة

انطلقت الدراسة من فرضيات مفادها:

  1. طبيعة الوضع الديني والسياسي والجغرافي لاقليم كشمير هو ما يزيد من حدة الصراع بين الهند وباكستان”.
  2. “طبيعة العلاقة المتوترة بين الهند وباكستان هو ما سزيد من حدة الصراع” .

المنهج المستخدم

للإجابة على الاسئلة البحثية استخدمت نماذج تحليل الصراع (،شجرة الصراع ،البصلة، المثلث ،الشد العكسي).

الحدود الزمانية والمكانية

المرحلة الزمانية :(1947-2022) .

الحدود المكانية : الهند، باكستان ، اقليم كشمير.

 

مقدمة

الصراع الدولي ليس شيئاً جديداً فمنذ آلاف السنين وهو في الأرض تحت جنون الصراعات والحروب والنزاعات على المستويات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والدينية وغيرها، وما قبل الحضارات القديمة كالإغريقية والرومانية وحتى يومنا هذا ما زالت الصراعات تفتك بالإنسانية وتحطم ما يحاول الحكماء والعقلاء والمبدعون بناءه لإيجاد مكان آمن هادئ مستقر تنهض فيه الشعوب بالعلم والمعرفة والتطور ولما فيه خير للإنسانية جمعاء ،وما يذكره التاريخ جيداً هو أن الأحداث كانت تقع أولاً ثم يجري تحليلها واستخلاص العبر والمفاهيم منها، فالصراعات والنزاعات الدولية كانت عبر التاريخ تحدث أولاً ثم يتم فهمها ومناقشتها والغوص في أسبابها وخلفياتها ووقائعها لتوثيق وتجسيد تجربة بشرية كاملة كنموذج يمكن من خلالها لاحقاً تجنب الصراع والنزاع وإيجاد الحلول المبكرة لوأده في مهده ،ولا شك ان من الصراعات القائمة  والمستمرة الى وقتنا هذا دون تسوية فعلية هو الصراع الهندي الباكستاني حول اقليم كشمير الذي يعد محور القضايا الخلافية وجوهرها في العلاقات الهندية الباكستانية والذي لايزال يزيد في توتو العلاقات بين البلدين وبين الشعبين .

اولاً :لمحة تاريخية عن العلاقات الهندية الباكستانية.

تتشارك باكستان والهند وهما اكبر بلدين في جنوب آسيا في اكثر من مجرد الحدود المشتركة  حيث انهما بلدين يتشاركان تاريخاً وثقافة ولغة وفكراً الى حد ما ، ومع ذلك يضل هذين البلدين عَدوين خاضا حروباً كثيرة ويواجهان قضايا جغرافية  يصعب حلها على ما يبدو، بالإضافة الى انهما يتعايشان  وسط خلاف حول جبهات عدة.

في شهر آب من عام 1947 احتفلت باكستان بإستقلالها عن بريطانيا ولحقتها الهند في اليوم  الثاني بالاستقلال عن التاج البريطاني  وذلك بعد انسحاب بريطانيا من بلد  تعتبره درة تاجها الامبراطوري  وخلفت وراءها دولتين مستقلات هما الهند العلمانية ذات الاغلبية الهندوسية وباكستان الاسلامية، ومن هنا نبدأ بالعودة للجذور التاريخية بين البلدين في عام 1858 تم اخضاع الهند للحكم البريطاني وكان عام 1920 عاماً تم فيها اندلاع حركة استقلال الهند  بزعامة غاندي  وهذا الحركة قامت على دعوة غاندي الهنود من جميع طبقات المجتمع الهندي  والاديان الى الاحتجاج غير العنيف وتشجيع عدم التعاون مع الحكم البريطاني والذي تضمن مقاطعة البضائع البريطانية ورداً على ذلك اعتقل البريطانيون غاندي بتهمة التحريض وإثارة الفتنة ، وبعد ذلك سافر غاندي في عام 1931 الى لندن لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة كممثل وحيد للمؤتمر الوطني الهندي  وقدم صورة قوية عن بلاده ووقتها لم تكن بريطانيا مستعدة لمنح الهند استقلالها ولم يدعم كثير من المسلمين والسيخ رؤية غاندي الخاصة بالهند كبلد واحد وعلى هذا الاساس قدم غاندي استقالته من حزب المؤتمر واعتزل الحياة السياسية لكنه بقي مواصل في  حملته من أجل المساواة الاجتماعية لصالح “الداليت” وهي الطبقة المعروفة باسم “المنبوذين”، وأجبرت قدرته على تعبئة الجماهير ونهجه السلمي الثابت السلطات البريطانية على التفاوض ،اذ تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريته والتي قررت إنهاء وجودها في شبه القارة الهندية وتسليم السلطة إلى إدارة هندية ، وكانت الخلافات مهيمنة آنذاك بين أكبر قيادتين سياسيتين في البلاد وهما جواهر لال نهرو ومحمد علي جناح، كان نهرو زعيم حزب المؤتمر وكان معارض  لمبدأ تقسيم البلاد على أسُس دينية لكن محمد علي جناح زعيم عصبة مسلمي الهند والذي أصبح حاكماً عاماً لباكستان عقب التقسيم كان مصرًا على أن لمسلمي الهند الحق في تأسيس دولة خاصة بهم، وبعد ان تأكد جناح ان هناك تهميش ضد المسلمين من قبل حزب المؤتمر الذي يؤكد على قيمة العلمانية فقرر محمد جناح ان ينفصل عن حزب المؤتمر بعد ان كان عضواً فيه وتشكيل  العصبة الاسلامي، واصبح هناك خلافات ومواجهات بين الحزب والعصبة وبنائاً على ذلك بعثت بريطانية وفداً لحل الازمة بينهم ونقل السلطة الى إدارة هندية واحدة حيث حمل الوفد وقتها خطة تقترح اتحاداً فيدرالياً من 3  مستويات يتمثل في حكومة مركزية في دلهي تقتصر اعمالها على الشؤون الخارجية والاتصالات والدفاع والشؤون المالية المطلوبة لرعاية وتقسيم شبه القارة الهندية إلى 3 مجموعات رئيسية من المقاطعات المجموعة تشمل المقاطعات ذات الأغلبية الهندوسية والمقاطعات الوسطى والمناطق التي شكلت الهند حاليا، ومجموعة تشمل المقاطعات ذات الأغلبية المسلمة في البنجاب والسند والحدود الشمالية الغربية وبلوشستان المناطق التي شكلت باكستان حالياً، ومجموعة ثالثة تشمل البنغال ذات الأغلبية المسلمة التي اصبحت باكستان الشرقية وفي عام 1971 استقلت باسم دولة بنغلاديش ،وقد وافق محمد علي جناح وقادة مؤتمر حزب المؤتمر الهندي على مقترحات الوفد البريطاني، لكن سرعان ما أعلن نهرو في أول مؤتمر صحفي له لدى إعادة انتخابه رئيسا لحزب المؤتمر أنه لا يمكن لأي جمعية دستورية أن تكون ملزمة بأي ترتيبات دستورية مسبقة ،وقد قرأ جناح ملاحظات نهرو على أنها رفض كامل للخطة والتي كان لابد من قبولها بالكامل من أجل نجاحها وقد عقد جناح بعد ذلك مؤتمرا للعصبة التي سحبت موافقتها السابقة على خطة الاتحاد الفيدرالي وبدلا من ذلك دعت لقيام “الأمة الإسلامية وإطلاق التحرك مباشر في منتصف أب من عام 1946 لتحقيق هذا الهدف، وبذلك بدأت حرب أهلية دموية في الهند حيث أدت أعمال الشغب والقتل بين الهندوس والمسلمين التي بدأت في كالكوتا إلى إرسال شرارات قاتلة من الغضب والجنون والخوف إلى كل ركن من أركان شبه القارة الهندية ،وجدت بريطانيا ان لا خيار سوى تقسيم البلاد بدلاً من المخاطرة بمزيد من المفاوضات السياسية كما قرر أنه من الأفضل أن تتم عملية انسحاب القوات البريطانية من الهند بسرعة، وقد أقر البرلمان البريطاني عام 1947 قانون استقلال الهند وأمر بترسيم حدود الهند وباكستان وتم الانتهاء من رسم خط تقسيم شبه القارة إلى دولتين، وهكذا تم تقسيم أكبر إمبراطورية في العالم التي تم دمجها بطرق لا تعد ولا تحصى لأكثر من قرن.

ثانياً: قضية كشمير

تظل قضية كشمير هي القضية الجوهرية للنزاع بين الهند وباكستان وهي اهم عثرة في  اي علاقة ثنائية بين الهند وباكستان، اذ وصلت حدة هذا الصراع  في عام 1998 في اعقاب التجارب  النووية الباكستانية التي كانت رداً على التجارب الهندية في نفس العام الا ان الصراع يتجدد بينهم عقب اعلان الهند عن إلغاء الحكم  الذاتي لإقليم كشمير في عام 2019.

نبده عن الاقليم:

جغرافياً: تحتل كشمير موقعاً جغرافياً استراتيجياً بين وسط وجنوب آسيا حيث تشترك في الحدود مع أربع دول هي الهند وباكستان وأفغانستان والصين، وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلاً مربعاً ،يقسمها خط وقف إطلاق النار منذ عام 1949 ويعرف منذ اتفاقية شملا المُوقع عليها عام 1972 بخط الهدنة وتبلغ مساحة الجزء الهندي 53665 ميلاً مربعاً ويسمى جامو وكشمير وتضم جامو ومنطقة لاداخ وبعض الأجزاء من مقاطعتي بونش وميرور ووادي كشمير  أخصب المناطق وأغناها ، في حين تسيطر باكستان بطريقة غير مباشرة على 32358 ميلاً مربعاً يعرف باسم ولاية كشمير الحرة أزاد كشمير وهى مناطق بونش الغربية ومظفر آباد واجزاء من ميريور وبلتستان، وهناك مساحة صغيرة خاضعة للمسنين منذ عام 1962 تسمى اکسای تشین اتخذت الهند من مدينة سرينغار عاصمة صيفية للإقليم ومن مدينة جامو عاصمة شتويه له، في حين أطلقت باكستان على المناطق التي تسيطر عليها آزادی کشمیر و عاصمتها مظفر آباد. 

التركيب السكاني والاقتصاد في كشمير:

السكان والديانات : يتكون الشعب الكشميري من اجناس مختلفة أهمها الأربون والمغول والأتراك والأفغان وينقسمون إلى أعراق متعددة أهمها كوشر ودوعري وباهاري ويتحدثون عدة لغات أهمها الكشميرية والهندية والأوردو ويستخدمون الحروف العربية في كتابتهم ، واختلفت المصادر التي تتحدث عن تعداد السكان في كشمير ما بين المصادر الباكستانية والهندية فطبقاً لإحصائية هندية أجريت عام 1981 بلغ عدد سكان الولاية 6 ملايين نسمة تقريبا  شكل المسلمون منهم %64.2 والهندوس 32,25 والسيخ 2.23% والبقية ما بين بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى، وتذكر بعض المصادر أن تعداد السكان قبل السيطرة الهندية كان 4 ملايين نسمة تقريباً اذ بلغ نسبة المسلمين فيهم 77% والهندوس 20% ، أما المصادر الكشميرية شبه المستقلة فتقدر تعداد الكشميريين في الجانبين الهندي والباكستاني وفي الدول الأخرى بـ13.5 مليون نسمة بواقع 8.5 ملايين نسمة في جامو وكشمير و 2.5 مليون نسمة في كشمير الحرة ومليون نسمة في جلجت وبلتستان و 1.5 مليون نسمة موزعين في الهند وباكستان ودول الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية غير أن الحقيقة المتفق هي وجود أغلبية مسلمة في الاقليم  وتعد البانان والمغول والمودة والمحسود أهم الجماعات الإسلامية في كشمير.

النشاط الاقتصادي: تُمثل الزراعة والرعي أهم حرف السكان وأكثرها انتشاراً,اذ ان  الأراضي الزراعية محدودة المساحة حيث لا تتجاوز مليون هكتار ويتركز نحو 3% منها في وادي كشمير لذا يعرف بالوادي الأخضر وتعتمد الزراعة على مياه الأنهار مما جعل الإنتاج الزراعي يتميز بالثبات ويتصدر الأرز المحاصيل الزراعية كمحصول غذائي رئيسي للسكان بالإضافة إلى الذرة القمح والقطن و التبغ الكتان والفاكهة والشاي ،اذ تقتصر الموارد المعدنية على الفحم ومعظم الصناعات يدوية تعتمد على الخامات المحلية ، وتعد صناعة الحرير أهم الصناعات وتنتشر صناعات الصوف والسجاد والبطاطين وتطريز الأقمشة والحفر على الأخشاب ، وقد نجحت قبل أعوام قليلة حملة لجذب السياح لبعض الوقت  فبعد أن نزل عدد الزوار إلى أقل من ستة آلاف عام 1991 مع بداية أعمال العنف ارتفع الرقم مرة أخرى لأكثر من 200 ألف عام 1999 وبدأ متجهاً لمستوى نصف مليون سائح  ويأتي معظم السياح من الهند وبصفة خاصة من إقليم كوجرات الغني وفي السنوات الأخيرة كانت نسبة 10 تقريبا من الزائرين تأتي من الخارج وبصفة أساسية من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا لكن المواجهة بين الهند وباكستان في منطقة كارغيل بكشمير عام 1999 التي هددت بنشوب حرب ثالثة بين الدولتين بسبب كشمير أوقفت انتعاش السياحة.

اهمية اقليم كشمير للهند وباكستان:

بالنسبة  للهند:

  1. أهمية استراتيجية أمام الصين خاصة بعد أن تمكنت الصين من السيطرة على التبت وتطور النزاع بين الهند والصين على طول الحدود في جبال الهملايا.
  2. كما أن الهند تنظر إليه على أنه امتداد جغرافي وحاجز طبيعي أمام فلسفة الحكم الباكستاني القائم على أسس دينية إسلامية الأمر الذي يهدد الاوضاع الداخلية للهند ذات الأقلية المسلمة.
  3. الخوف الهندي  من استقلال اقليم كشمير على أساس ديني او عرقي  لأن هذا سيؤدي إلى فتح باب على الهند من قبل الاقليات والطوائف الهندية بالرغبة بالاستقلال عن الهند على اساس عرقي او طائفي وهذا ما يصعب على الهند أن تغلقه أو تتصدي له وهذا ما يجعل الهند متمسكة بالإقليم .

بالنسبة لباكستان :

  1. يعتبر الإقليم ممر تجاري  بسبب احتوائه على ميناء كراتشي الباكستاني وارتباطات سكانه القوية بالتجارة والصناعة.
  2. حيث تحظى كشمير بالنسبة لباكستان في ضمن الاهمية الاقتصادية بوجود منبع الأنهار التي تعد المورد الرئيسي الذي تستفيد منه باكستان في الفلاحة والزراعة وهي أنهار السند، جليم، جناب.
  3. كما يعتبر الإقليم منطقة حيوية لباكستان والسيطرة عليه من قبل الهند سيهدد كيان باكستان ثم أن اغلب سكان  الاقليم مسلمين
  4. الأهمية الجيواستراتيجية التي يحظى بها الإقليم من الناحية العسكرية بالنسبة لباكستان لأن وقوعه في يد قوة معادية لباكستان بوسعه القضاء عليها في أية لحظة.
  5. بالإضافة إلى أن كشمير من الناحية الجغرافية تعد جزءا من باكستان التي تشترك معها في حدود طولها عدة مئات من الكيلومترات ولا يربطها بالهند سوى شريط ضيق من الأرض.

تطور النزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير:  يرجع تاريخ النزاع الهندي الباكستاني حول كشمير إلى سنة ١٩٤٧م بحيث لم يتقرر ضم الاقليم الي احد الدولتين( الهند أو باكستان)، والسبب هو ان  بريطانيا أعطت إلى الامارات التي كانت تحكمها سابقا بالهند حرية الانضمام للهند أو باكستان وفقا لرغبة سكانها بعد الانسحاب البريطاني لكن بسبب تضارب الارادات بين الشعب وحاكم الاقليم آنذاك امتنع الاقليم عن التوجه لأى من الدولتين وهو ما أدى إلى اندلاع حرب بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير سنة ١٩٤٧م ، وقد بادرت الأمم المتحدة بالتدخل لوقف القتال وجمع السلاح من الامارة وإجراء استفتاء حر محايد سنة ١٩٤٧ تحت إشرافها لكن الهند لم توافق ابداً على توصيات هيئة الأمم المتحدة  خاصة الاستفتاء وكانت الأحداث  في تلك الفترة تتبلور وتنبأ بإمكانية حدوث  حروب أخرى حول الإقليم نظرا لأهميته، ولأنه الصراع بقي  دون حل يرضي الأطراف سواء المتنازعة  أو الشعب الذي لم يحدد مصيره بنفسه، واستمر الوضع على ما هو عليه دون تقدم في  القضية إلى أن نشب صراع بين الصين والهند سنة ١٩٦٢م وانتهت بهزيمة الهند وسيطرة الصين على اجزاء من الاقليم حيث استغلت باكستان هزيمة الهند ووجهت ضربات قاضية تجاه الهند  وهذا ما ادى الي  نشوب حرب 1965 القائمة على عبور متسللون مسلحين من باكستان خط منطقة  وقف  النار مما ادى الى زيادة عدد المناوشات الهندية الباكستانية وتدخل مجلس الامن لوقف القتال بين الطرفين في 1965 ،ورغم الجهود المبذولة للحد من هذا الصراع الا ان المسألة ظلت قائمة كما ان الهند استغلت ما يجري داخل باكستان من خلال الخلاف بين باكستان وباكستان الشرقية ورغبتها بالانفصال عنها عن طريق تقديم الدعم لشعب البنغال  في محاولته الانفصالية  عن باكستان وعلى اثرها نشبت حرب ثالثة بينهم سنة 1971 وكان ابرز نتائجها  هزيمة باكستان وظهور دولة بنغلادش وتوقيع اتفاقية شملا  ،وفي عام وفي عام ۲۰۰۳  وافقت الهند وباكستان على وقف إطلاق النار بعد سنوات طويلة من النزاع الدموي على طول الحدود الفعلية بين البلدين والمعروفة باسم خط المراقبة، وفي عام ۲۰۱٤ جاءت حكومة هندية جديدة إلى السلطة وأقرت القيام بإجراءات متشددة ضد باكستان، وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها للخوض في محادثات سلام وبعد عام تقريباً ألقت الهند باللوم على الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها لشن هجوم على قاعدتها الجوية في باثانكوت بولاية شمال البنجاب، وألغى مودي زيارة كانت مقررة وقتها إلى العاصمة الباكستانية إسلام أباد لعقد قمة إقليمية في عام ۲۰۱۷ ومنذ ذلك الحين لم يحدث أي تقدم في المحادثات بين الجارتين. وفي عام ۲۰۱٨  انسحب حزب بارتياجاناتا الذي كان يتزعمه مودي من حكومة ائتلافية يديرها حزب الشعب الديمقراطي  ومنذ ذلك الحين يخضع القسم الهندي من كشمير لحكم مباشر من نيودلهي مما أدى إلى زيادة التوتر بين البلدين، وفي عام ۲۰۱۹ قرر البرلمان الهندي  إلغاء الوضع الخاص والحكم الذاتي لإقليم كشمير والقاضي بإلغاء المادة ٣٧٠ من الدستور الهندي والمتعلقة بإنهاء الحكم الذاتي في إقليم كشمير وبالتالي تغيير وضعه القانوني ليصبح بذلك ولاية اتحادية تابعة للهند، قرار الهند هذا اعاد أزمة كشمير  الى الساحة وصعدت الوضع مع باكستان ،ويعد القرار بإلغاء الوضع الخاص والحكم الذاتي لإقليم كشمير مساوياً في خطورته مع قرار المهراجا الهندي الذي قرره عام ١٩٤٧ وهو ضم إقليم كشمير إلى الهند رغم أن غالبية سكانه من المسلمين و يرفضون ذلك، وكان الاتفاق بين غاندي ومحمد علي جناح بعد الاستقلال عن بريطانيا أن الولايات ذات الأغلبية الهندوسية تنضم للهند، بينما الولايات ذات الغالبية المسلمة تنضم لباكستان وأدى قرار المهراجا إلى دخول الهند وباكستان في الحرب الأولى عام ١٩٤٨ حصلت فيها الهند على ٤٣ % من مساحة الإقليم، وباكستان على ۳۷ % من أراضي الإقليم، وتسيطر الصين على ۲۰%، وقد أثار إلغاء الحكومة الهندية الحكم الذاتي الذي كان قائماً في كشمير الى مخاوف دولية من تزايد أعمال العنف في المنطقة ذات الغالبية المسلمة خاصة ان الهند قامت بحَضر وحصار تام سنة 2019 على الاقليم مما ادى الي اعمال عنف وقتل وتشريد وايضا قيام الهند بتغير التركيبة الديمغرافية لسكان  الإقليم من حيث تهجير المسلمين واحلال هنود هندوس  واغلاق المدارس  والجامعات وفرض تدابير امنية عدة واستدعى  ذلك رداً غاضباً من باكستان من حيث قطع العلاقات وغيرها من الامور.

ثالثاً :اتفاقيات تسوية الصراع .

  1. اتفاقية شملا : وهي معاهدة سلام موقعة بين الهند وباكستان في 2 يوليو 1972 في شملا ، عاصمة ولاية هيماجل برديش الهندية جاء ذلك في أعقاب الحرب الباكستانية الهندية عام 1971 ، والتي بدأت بعد تدخل الهند في شرق باكستان كحليف للمتمردين البغالين الذين كانوا يقاتلون ضد القوات الحكومية الباكتسانية في حرب تحرير بنغلادش ، حيث اثبت التدخل الهندي أنه حاسم في الحرب وأدى إلى انفصال شرق باكستان عن اتحادها مع غرب باكستان وظهور دولة دولة بنغلادش  المستقلة
  2. اتفاقية طشقند: بدأت بمبادرة سوفيتية في يناير ١٩٦٦ بطشقند مفاوضات بين زعماء الهند وباكستان ، وبفضل هذه المفاوضات أمكن تسوية النزاع المسلح الثاني بين البلدين من خلال مشاركة رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي ألكسي كوسيگين

 رابعاً: الوسطاء الدوليين.

الأمم المتحدة : سعت الأمم المتحدة إلى تقديم الحلول المناسبة لمعالجة القضية المطروحة واتخاذ موقف وسطي للتقريب بين وجهات نظر كلا من الهند و باكستان، ومن بين قراراتها المتعلقة بتسوية النزاع قرار سحب القوات العسكرية الباكستانية الهندية من كشمير مع تنصيب حكومة التقالية للإشراف على الوضع  والدفاع عن حق تقرير المصير عبر إجراء استفتاء شعبي حر ومحايد في الإقليم تحت إشراف الأمم المتحدة.

روسيا : في ظل المحاولات العديدة التي باءت بالفشل سارع الاتحاد السوفيتي إلى التدخل في هذا الصراع حيث قام بتنظيم مؤتمر للصلح بين الأطراف المتنازعة بطشقند وايضا فشل المؤتمر.

خامساً:مستقبل الصراع.

اندلاع الاشتباكات الحدودية واقصد بذلك اندلاع اشتباكات مسلحة بين على الرغم من أجواء التصعيد المتبادل، إلا أن الإجراءات المتبادلة بين الهند و باكستان  لا تزال محكومة بقيود صناع القرار ولا تتجاوز المساحات المحظورة والخطوط الحمراء وفي المقابل تتمثل السيناريوهات الأسوأ في فقد الدولتين السيطرة على مسارات التصعيد نتيجة حدوث ارتدادات عنيفة غير مقصودة للإجراءات المتبادلة وتتمثل أهم هذه السيناريوهات فيما يلي:

  1. انتشار القوات الهندية والباكستانية على طول خط السيطرة مما يتسبب في وقوع ضحايا من الطرفين ويدفع الدولتين لاتخاذ قرار اللجوء للرد العسكري المباشر مما ينذر بوجود حرب جديدة.
  2. وجود عدة تفجيرات إرهابية في الجزء الهندي من كشمير مما يتسبب في وقوع قتلى ووجود اشتباكات عسكرية بين كشمير والهند .
  3. لجوء احد الدولتين وخاصة باكستان الى اسقاط بعض المقاتلات الحربية.
  4. حصول اشتباكات طائفية داخل الهند بسبب حالة الشحن الطائفي ويرتبط ذلك بتاريخ الصدامات الطائفية في الهند.

بعض الحلول المقترحة:

شهدت هذه القضية منذ بداية ظهورها على مسرح الأحداث المحلية والعالمية العديد من الحلول المقترحة لفض النزاع حولها بشكل سلمي إلا أنها لم تطبق على أرضية الواقع بسبب الموقف الهندي المتصلب وإذا جاز لنا القول أن نقدم بدورنا حلول لهذا الإقليم الذي بقي معلقاً تتجاذبه المصالح الدولية فيما بينها، ومن تلك الحلول:

  1. إقامة دولة بكشمير قائمة بذاتها.
  2. إقامة دولة تشرف عليها كل من الحكومة الهندية والباكستانية في سبيل خلق منطقة تكامل اقتصادي بين الهند وباكستان في المنطقة.
  3. اقتسام الإقليم بين الهند وباكستان من خلال ضم هذه باكستان للجزءالذي سكانه مسلمين على أن تضم الهند للجزء الذي يقطنه الهنود السيخ.

سادساً :نماذج تحليل الصراع

وبذلك  نقوم بوضع تسوية للصراع من خلال ان تتم توقيع اتفاقية سلام بين الهند وباكستان حول الصراع القائم على اقليم كشمير وتتضمن هذه الاتفاف عدة نقاط:

  1. تتم التسوية على اساس اقتسام الاقليم بين البلدين من خلال اقتطاع جزء من الاقليم واعطائه للهند ويكون تحت الإدارة الهندية الكاملة.
  2. اقتطاع جزء من الاقليم واعطائه لباكستان ويكون تحت الإدارة الباكستانية الكاملة.
  3. ابقاء باقي الاقليم تحت أدارة كشمير.
  4. انسحاب القوات العسكرية من الاقليم .
  5. منح باقي الاقليم الحكم الذاتي

ومن خلال هذه التسوية نقوم بتحليل من مع الاتفاقية ومن ضد الاتفاقية من خلا نموذج الشد العكسي .

الخاتمة

من خلال البحث  نوصل  إلى أن قضية كشمير تعتبر قضية من بين القضايا المتنازعة عليها في القارة الآسيوية بين الهند وباكستان والتي دارت حولها العديد من الصراعات منذ ظهورها عقب استقلال شبة القارة الهندية عن التاج البريطاني  والذي أعطى الامارات التي كان يحكمها في تلك الرقعة الجغرافية حق تقرير مصيرها بحسب رغبة الشعب بالانضمام إما للهند أو لباكستان، لكن هذا الإقليم قدر له أن يقاسي الويلات بسبب تضارب الرأي بين حاكم المنطقة والشعب الأمر الذي أقحمها في صراعات غير متناهية منذ سنة 1947م ، والتي  شهدت فيها أول حرب ومروراً بالتجارب النووية التي قامت بها الهند وباكستان إلى الفترة الراهنة، فهي تعد أول قضية رفعت إلى هيئة الأمم المتحدة منذ تأسيسها وتسارعت هذه الأخيرة للبحث عن حلول لتسوية النزاع حولها بين الأطراف المتنازعة بشأنها، غير أن استمرار الموقف الهندي في الرفض لجميع الاقتراحات التي قدمتها وكذلك جهود الوسطاء الدوليين بما فيها إجراء الاستفتاء الشعبي الذي من خلاله سيقرر شعبها مصيره جعل المسألة تظل معلقة وبدون حل، وفي مقابل ذلك ترى الهند بأن هذه القضية يجب أن تحل بينها وبين باكستان في إطار اتفاقية ثنائية  ولا حاجة لتدخل طرف ثالث في القضية. ،اذ ان كل هذه المبررات التي تقدمها الهند تنذر بأن المنطقة سوف تشهد العديد من الحروب خاصة النووية في المستقبل إذا لم يحسم في تسوية النزاع حولها.

المراجع:

الكتب

  1. جبران ،فرج ، 1955،تعال معي إلى باكستان. مؤسسة هنداوي للعلم والثقافة، القاهرة ، مصر .
  2. ياغي و محمود شاكر،1994، ،تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر، مكتبة العبيكان ، الرياض ،العسودية.
  3. علاوي،ستار ،2012، باكستان دراسة في نشأة الدولة وتطور التجربة الديمقراطية ، الجنان للنشر والتوزيع، عمان ، الاردن .
  4. امين ،طاهر ،1996،المقاومة الشعبية في كشمير: الجذور التطور الخيارات، معهد الدراسات السياسية، إسلام آباد، باكستان، الطبعة الأولى.

رسائل ماجستير

  1. خواتمياني،2015، كنزة سباق التسلح النووي بين الهند وباكستان وآثره إقليميا ودوليا 1998-2012، جامعة الجيلالي بونعامة .
  2. عوده، فلة،2011، قضية كشمير بين المواقف الاقليمية والتأثيرات الدولية،جامعة الجزائر.

ابحاث ومواقع الكترونية

  1. لمغاري،مصطفى،2017،”النزاع الهندي الباكستاني حول كشمير” ،المركز المقراطي العربي.
  2. الطيب ، سويد ،2013، “انتشار الاسلحة النووية في البلدان الصغيرة “. جامعة قاصدي مرباح – ورقـــلة كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم العلوم السياسية
  3. 2019، ” وزير الخارجية الباكستاني في بكين لمناقشة وضع كشمير”، جريدة الشرق الأوسط. https://aawsat.com/home/article/1850571/%D9%8
  4. 2019،”الصين تصف القرار الهندي حول كشمير ب غير المقبول”

وكالة الاناضول. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AF%D9%88%D

  1. 2019، كشمير تاريخ من الاشتعال.

https://madamasr.com/ar/2019/08/10/feature–dl/Ad/

  1. امين ، طاهر ، 1994،كشمير نصف قرن من الصراع ,الدراسات السياسية، إسلام آباد، باكستان.
  2. السعيد ، باهر ،1992 ،النزاع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير، باهر السعيد، مجلة السياسة الدولية.
  3. الهكار ،زكريا ،2023،النزاع الهندي الباكستاني حول كشمير صراع إقليمي بأبعاد دولي، في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية.
4.2/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى