تحليل: عزل البرلمان التونسي لرئيس الوزراء الحبيب الصيد أصبح أمرا محسوما
تقدم الصيد بطلب رسمي إلى البرلمان لتجديد منح الثقة في حكومته، بعد أن قرر الإثنين الماضي التوجه له، للإسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي طرحها الرئيس الباجي قايد السبسي، مطلع يونيو/حزيران من هذا العام.
قرر البرلمان التونسي، اليوم الخميس، عقد جلسة عامة في الـ30 من الشهر الجاري، للتصويت على تجديد الثقة في حكومة الحبيب الصيد.
أصبح عزل البرلمان لرئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد أمرا محسوما بعد أن قالت أحزاب الائتلاف الحاكم إنها لن تمنحه الثقة نهاية الأسبوع المقبل بينما تستعد تونس لحكومة وحدة وطنية دعا إليها الرئيس الشهر الماضي.
وامتنع الصيد عن الاستقالة في الأسابيع الأخيرة ولكن قرر الذهاب للبرلمان ليحسم مصيره تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية دعا إليها الرئيس الباجي قائد السبسي.
وكان السبسي دعا الشهر الماضي لحكومة وحدة وطنية تكون أكثر جرأة وتضم عددا أوسع من الأحزاب إضافة لمستقلين والاتحاد العام التونسي للشغل. لكن اتحاد الشغل الذي له تأثير كبير رفض المشاركة في الحكومة.
ويتعين على الصيد الحصول على 109 أصوات أي أغلبية الأصوات في البرلمان لتجديد الثقة في حكومته ولكن هذا أصبح أمرا شبه مستحيل بعد ن اتفقت أحزاب الائتلاف على عدم تجديد الثقة فيه. ويضم الائتلاف الحاكم حزب نداء تونس العلماني وخصمه الإسلامي النهضة إضافة إلى حزبي آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر.
وقال سفيان طوبال رئيس كتلة نداء تونس بالبرلمان إن الحزب حسم أمره ولن يجدد الثقة في الصيد.
ولن تجدد حركة النهضة وهي القوة الأولى في البرلمان الثقة للصيد. وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي للصحفيين يوم الجمعة “الحبيب الصيد لم يعد مطروحا رئيسا جديدا وحكومته أصبحت حكومة تصريف الأعمال… هناك اتفاق بين أحزاب ومنظمات على ضرورة التغيير.”
وهناك اتفاق بالفعل بين أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يضم ما يفوق 150 نائبا على سحب الثقة من الصيد إضافة إلى أن أحزابا معارضة قالت إنها ستسحب الثقة منه.
وقال الحبيب الصيد إنه لا مشكلة لديه في الخروج ولكن يرفض دفعه للاستقالة وإنه يرفض الهروب ويفضل المواجهة وعرض حصيلة ما قام به خلال عام ونصف.
وأضاف أنه جاهز لمد خليفته بكل ما يحتاج عند الخروج في إشارة واضحة إلى أنه لن يبقى. وأضاف أنه يأمل أن يواصل رئيس الوزراء المقبل العمل الذي أنجزه في المجال الاقتصادي والأمني لا أن يعود إلى نقطة البداية لأن في ذلك خسارة للوقت.
ولأن الأحزاب السياسية لم تعلن عن الخطوات المقبلة بعد عزل الصيد في البرلمان نهاية الشهر الحالي فإن مشاورات غير رسمية تجري حول اختيار رئيس وزراء جديد قد يكون من بينها وزراء سابقون عملوا مع الرئيس السابق زين العابدين بن علي من بينهم وزير التنمية السابق محمد النوري الجويني.
*الاقتصاد والأمن ضمن الأولويات
وتنص الوثيقة التي اتفق عليها العديد من الأحزاب السياسية على أن أولوية الحكومة الوحدة الوطنية ستكون إقرار هدنة اجتماعيّة لمدّة لا تقلّ عن سنتين وإيقاف الاعتصامات التي تعطل الإنتاج بكل الوسائل المشروعة وتنظيم الاقتصاد غير المنظم.
ومن بين الأولويات أيضا النهوض بالاقتصاد المتعثر عبر إصلاحات اقتصادية وإحياء الأمل لدى الشباب اليائس عبر خلق مزيد من فرص العمل إضافة لتقوية الحرب على المتطرفين الإسلاميين.
وقال راشد الغنوشي يوم الجمعة في مؤتمر صحفي “الموضوع الأساسي الآن ليس تجديد الثقة لحبيب الصيد بل المشاورات حول حكومة جديدة” مضيفا “المشكل اليوم يتركز في إتاحة المجال للحكومة الجديدة”
وقال السبسي إنه يريد حكومة أكثر جرأة في تطبيق القانون وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية والتصدي للإضرابات العشوائية التي تضر باقتصاد البلاد. وأضاف أن حكومة الوحدة يجب أن تستعيد هيبة الدولة.
وخلال حكم الصيد تعرضت تونس لثلاث هجمات كبيرة نفذها متشددون إسلاميون استهدفت سياحا بمتحف باردو وفندقا بمنتجع سوسة السياحي إضافة إلى حافلة للحرس الرئاسي.
وقال رئيس البرلمان، محمد الناصر في مؤتمر صحفي، اليوم، إنه “على إثر رسالة رئيس الحكومة التي طلب فيها النظر في مسألة التصويت على منح الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، بمقتضى الفصل 98 من الدستور، والنظام الداخلي للمجلس، فإن مكتب البرلمان قرر أن يكون يوم جلسة تجديد الثقة في الحكومة السبت 30 من الشهر الحالي”.
وينص الفصل 98 من الدستور التونسي أنه “تعَدّ استقالة رئيس الحكومة استقالة للحكومة بكاملها، وتُقدم الاستقالة كتابة إلى رئيس الجمهورية الذي يُعلم بها رئيس مجلس نواب الشعب.. ويمكن لرئيس الحكومة أن يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة”.
“وفـي الحـالتـين يكلّــف رئـيـس الجـمهـورية الشخصـية الأقدر لتكـوين حكـومة طبـق مقتضيات الفصل 89”.
وأضاف الناصر أن “الحكومة إذا تحصلت على الأغلبية المطلقة بـ109 صوتا (من مجموع 217 عضوا بالبرلمان) خلال الجلسة فتكون الحكومة قد نالت ثقة البرلمان من جديد، وإن لم تتحصل على هذا العدد من التصويت فتعتبر الحكومة مستقيلة”.
قال الصيد في حوار تلفزيوني إنه تلقى ضغوطًا من أطراف وأحزاب (لم يذكرها) تجبره على الاستقالة من منصبه، مشيراً إلى أنه اختار التوجه للبرلمان وطلب تجديد الثقة في حكومته، رغبة منه في حل الموضوع بأسرع وقت ممكن.
وأمس الأول الأربعاء، وقع على وثيقة “اتفاق قرطاج – أولويات حكومة الوحدة الوطنية”، كل من الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة النقابية الأكبر في البلاد)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (اتحاد المزارعين التونسيين)، وأحزاب “النهضة”، و”نداء تونس”، و”مشروع تونس”، و”الاتحاد الوطني الحر”، و”آفاق تونس”، و”الجمهوري”، و”المسار الديمقراطي الاجتماعي”، و”الشعب”، و”المبادرة الوطنية الدستورية”.
وتنص وثيقة الاتفاق، على ست أولويات لحكومة الوحدة الوطنية، تشمل “كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل (العمل)، ومقاومة الفساد، وإرساء مقومات الحكومة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية، وتنفيذ سياسة اجتماعية ناجعة، وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، ودعم نجاعة العمل الحكومي، واستكمال تركيز المؤسسات”.
ومطلع يونيو/حزيران الماضي، اقترح الرئيس السبسي، مبادرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون أولوياتها الحرب على الإرهاب والفساد، وترسيخ الديمقراطية، تشارك فيها أحزاب ونقابات، على رأسها النقابة العمالية، “الاتحاد العام التونسي للشغل”.
المصدر: وكالات